للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو يقدر "هو خير، وأوسع بعد الإيمان". واللَّه تعالى أعلم.

قال الطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: يريد أن من طلب من نفسه العفّة عن السؤال، ولم يُظهر الاستغناء يعفّه اللَّه، أي يصيره عفيفًا، ومن ترقّى عن هذه المرتبة إلى ما هو أعلى، من إظهار الاستغناء عن الخلق، لكن إذا أُعطي شيئًا لم يرده، يملأ اللَّه تعالى قلبه غنى، ومن فاز بالقَدَح المعَلَّى، وتصبّر، ولم يسأل، وإن أُعطي لم يقبل، فهذا هو الصبر الجامع لمكارم الأخلاق انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "وإن أُعطِي لم يقبل" فيه نظر؛ إذ فيه مخالفة أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بقوله: "ما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف، ولا سائل، فخذه، فتموّله، وتصدّق به"، فكيف يكون من ردّ ما أمر باخذه أعلى المرتبة؟، هذا غريب، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.

وقال ابن الجوزيّ -رحمه اللَّه تعالى-: إنما جُعل الصبر خير العطاء؛ لأنه حبس النفس عن فعل ما تحبّه، وإلزامها بفعل ما تكره في العاجل مما لو فعله، أو تركه لتأذّى به في الآجل.

وقال القاريّ -رحمه اللَّه تعالى-: وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات؛ لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات، ولذا قُدّم على الصلاة في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ٤٥]، ومعنى كونه أوسع أنه تتّسع به المعارف، والمشاهد، والأعمال، والمقاصد انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا ٨٥/ ٢٥٨٨ - وفي "الكبرى" ٨٧/ ٢٣٦٩. وأخرجه (خ) في "الزكاة" ١٤٦٩ وفي "الرقاق" ٦٤٧٠ (م) في "الزكاة" ١٠٥٣ (د) في "الزكاة" ١٦٤٤ (ت) في "البرّ والصلة" ٢٠٢٤ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٠٦٠٦ و ١٠٦٧٦ و ١٠٧٠٧ و ١١٠٠٧ (الموطأ) في "كتاب الجامع" ١٨٨٠. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:


(١) - "شرح الزرقاني على الموطّإ" ج ٤ ص ٤٢٢.
(٢) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٢٦٢ - ٢٦٣.