الذي أخرجه المصنّف، بلفظ: "فقلت" بتاء المتكلّم، وعليه فالسائلة هي عائشة - رضي اللَّه عنها - (أَيَّتُنَا) مؤنّثُ "أيٍّ"، وهو قليلٌ في اللغة، ولفظ البخاريّ: "أيّنا" بالتذكير، وهو الموافق لأكثر الاستعمال، لكونها اسمًا جامدًا، والاسم لا تلحقه تاء التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث، وعليه قوله تعالى: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} [غافر: ٨١]، وقوله: {بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤]. وقد تُطابق في التذكير والتأنيث، كما قُرىء في الشاذّ: "بأيّة أرض تموت". وكقول الشاعر [من الطويل]:
بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةِ … تَرَى حُبَّهُمْ عَارًا عَلَيَّ وَتَحْسَبُ
(بِكَ) متعلّق بـ "لُحُوقًا" (أَسْرَعُ) خبر "أيّتنا" (لُحُوقًا) منصوب على التمييز، أي من حيث اللحوق بك (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَطْوَلُكُنَّ يَدًا) خبر لمبتدإ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، أي أسرعكنّ لحوقًا بي أطولكن يدًا، أو أطولكنّ يدًا أسرعكنّ لحوقًا بي، و"يدًا" منصوب على التمييز.
[تنبيه]: إنما لم يقل: "طُولاكنّ"، و"سُرْعاكنّ" بلفظ التأنيث؛ لأن أفعل التفضيل إذا أريد به التفضيل، وكان مضافًا إلى معرفة، جاز فيه وجهان: المطابقة، وعدمها، بخلاف، المضاف إلى نكرة، والمجرّد، فيذكّران، ويفردان، وبخلاف المحلّى بـ "ال"، فإنه تلزم مطابقته، كما أشار ابن مالك -رحمه اللَّه تعالى- في "الخلاصة" بقوله:
وَإنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ أَوْ جُرِّدَا … أُلْزِمَ تَذْكِيرًا وَأَنْ يُوَحَّدَا
وَتِلْوَ "أَلْ" طِبْقٌ وَمَا لِمَعْرِفَه … أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ عَنْ ذِي مَعْرِفَهْ
هَذَا إِذَا نَوَيْتَ مَعْنَى "مِنْ" وَإِنْ … لَمْ تَنْوِ فَهْوَ طِبْقُ مَا بِهِ قُرِنْ
(فَأَخَذنَ قَصَبَةً، فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا) أي يقدّرنها بذراع كلّ واحدة منهن. ولفظ البخاريّ: "يذرعونها" بلفظ جمع المذكر، نظرًا لمعنى الجمع، أو عدل إليه تعظيمًا، كقول الشاعر:
وَإِنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النَّسَاءَ سِوَاكُمُ (١)
(فَكَانَتْ سَوْدَةُ) زاد ابن سعد، عن عفان، عن أبي عوانة بهذا الإسناد: "بنت زمعة بن قيس" (أَسْرَعَهُنَّ بِهِ لُحُوقًا) أي ماتت بعده - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولحِقَت به قبل بقيّة أزواجه - رضي اللَّه عنهنّ -.
[تنبيه]: رواية المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- هذه ظاهرة في كون سودة هي التي لحقت به - صلى اللَّه عليه وسلم - قبل بقية زوجاته، لكن المشهور -وهو الصواب- أن زينب بنت جحش - رضي اللَّه عنهما -
(١) - راجع "عمدة القاري" ج ٨ ص ٢٨٢.