للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثالثها): أن كون رائحة دم الشهيد كرائحة المسك أمر حقيقيّ، وكون رائحة الخلوف أطيب من رائحة المسك أمر حكميّ، له تأويل يصرفه عن ظاهره في أكثر الأقوال المتقدِّم بيانها.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: التأويلات التي تقدّم بيانها غير صحيحة، كما تقدّم تحقيق ذلك، فلا تغفل.

(رابعها): أنه ورد النهي عن إزالة دم الشهيد مع وجوب إزالة الدم (١)، ومع وجوب غسل الميت، فما اغتفر ترك هذين الواجبين إلا لتحريم إزالته، فلذلك قلنا بتحريمه، ولم يَرِد ذلك في السواك، وإنما قيل بالاستنباط.

(خامسها): أنه عارض ذلك في خلوف الصائم بقاء الحياة، وهي محلّ التكليف، والعبادات، وملاقات البشر، فأمكن أن يُزال الخلوف لما عارضه، بخلاف دم الشهيد، فإنه بخلاف ذلك انتهى منقولاً من "طرح التثريب" بتصرّف (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الجواب الأول عندي هو الأقرب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٢١٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ, قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «قَالَ اللَّهُ: -عَزَّ وَجَلَّ- "الصَّوْمُ لِي, وَأَنَا أَجْزِى بِهِ, وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ, وَفَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ (٣) , وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ, أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ, مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وقد تقدّموا غير مرّة، و"أبو الأحوص": هو عوف بن مالك بن نَضْلَة الْجُشَميّ الكوفيّ، ثقة مشهور بكنيته [٣] ٥٠/ ٨٤٩.

و"عبد اللَّه": هو ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -.

والحديث موقوف صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وتقدم تمام الكلام عليه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - في وجوب إزالة الدم غير دم الحيض نظر لا يخفى، إذ لا دليل على وجوبه، وقد تقدّم تحقيق ذلك في "أبواب الطهار"، فتفطّن.
(٢) - راجع "طرح التثريب"، ج ٤ ص١٠١. فإنه منقول عنه بتصرّف.
(٣) - وفي الهندية: "عند فطره".