للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-:

[إن قلت]: ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين، مع أنه لا ينحصر فيه، فقد يكون ثلاثين.

[قلت]: عنه أجوبة: (أحدها): أن المعنى كما تقدّم أن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا، وحينئذ فلا إشكال في ذلك. (ثانيها): أن الألف واللام للعهد، والمراد أن هذا الشهر الذي أقسم على الامتناع من الدخول فيه تسعة وعشرون يومًا. (ثالثها): أنه بنى ذلك على الغالب الأكثر؛ لأنّ مجيء الشهر تسعًا وعشرين في زمنه - صلى اللَّه عليه وسلم -كان أكثر من ثلاثين. وفي سنن أبي داود، والترمذيّ، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، قال: "ما صمت مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - تسعًا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين". وكذا في سنن ابن ماجه، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - (رابعها): قال القاضي أبو بكر بن العربيّ معناه حصره من أحد طرفيه، وهو النقصان، أي أنه يكون تسعًا وعشرين، وهو أقلّه، وقد يكون ثلاثين، وهو أكثره، فلا تأخذوا أنتم بصوم الأكثر احتياطًا، ولا تقتصروا على الأقلّ تخفيفًا، ولكن اربطوا عبادتكم برؤيته، واجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداء وانتهاء باستهلاله انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عمر - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا - ١٤/ ٢١٣٢ - وفي "الكبرى" ١٥/ ٢٤٤٢. وأخرجه (خ) في "المظالم والغصب" ٢٢٨٨ وفي "التفسير" ٤٥٣٢ و ٤٥٣٣ و ٤٥٣٤ و ٤٧٩٢ و "النكاح" ٤٧٩٢ و"اللباس" ٥٣٩٥. (م) "الطلاق" ٢٧٠٤ و ٢٧٠٥ و ٢٧٠٦. (د) "الجنائز" ٢٧٠٧. (ت) "التفسير" ٣٢٤٠. (أحمد) "مسند العشرة" ٢١٧. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو أن الشهر قد يكون تسعا وعشرين ليلة. (ومنها): حسن تلطّف ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، وشدّة حرصه على الاطلاع على فنون التفسير (ومنها): طلب علوّ الإسناد؛ لأنّ ابن عباس أقام مدّة طويلة يتنظر خلوة عمر ليأخذ عنه، وكان يمكنه أخذ ذلك بواسطة عنه ممن لا يهاب أن يسأله كما كان يهاب عمر (ومنها): سياق القصّة على وجهها، وإن لم يسأل السائل عن ذلك، إذا


(١) -"طرح التثريب" ج ٤ ص ١٢١.