للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأول: أن يكونا مبتدأين، والخبر محذوف، أي فلها خير، ولها شرّ، وساغ الابتداء بالنكرة، لكون فاء الجزاء وليتهما، فهما من باب قولهم: إن مضى عَيْرٌ، فعَيْرٌ في الرباط.

الثاني: أن يكونا خبرين محذوفي المبتدإ، والتقدير: فهي، وهي، أي ذات خير، وذات شرّ.

وأما الجملتان اللتان بعدهما، وهما "تقدّمونها"، و"تضعونها"، فصفة لهما انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "فخير" خبر مبتدإ محذوف، أي فهو خير، أو مبتدأ خبره محذوف، أي فلها خير، أو فهناك خير، ويؤيده رواية مسلم (٢) بلفظ: "قرّبتموها إلى الخير"، ويأتي في قوله بعدُ "فشرّ" نظير ذلك انتهى (٣).

وقال السنديّ: الظاهر أن التقدير: فهي خير، أي الجنازة بمعنى الميت، لمقابلته بقوله: "فشرّ"، فحينئذ لا بدّ من اعتبار الاستخدام في ضمير "إليه" الراجع إلى الخير، ويمكن أن يقدّر: فلها خير، أو فهناك خير، لكن لا يُساعده المقابلة، واللَّه تعالى أعلم انتهى (٤).

(تُقَدِّمُونَهَا) بتشديد الدال، والجملة في محلّ رفع صفة لـ"خير" (إِلَيْهِ) أي إلى الخير الذي أعدّه اللَّه لها من النعيم المقيم. وقال في "الفتح": الضمير راجع إلى الخير، باعتبار الثواب، قال ابن مالك: روي: "تقدّمونه إليها" فأنث الضمير على تأويل الخير بالرحمة، أو الحسنى انتهى.

وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أي فإن كان حال ذلك الميت حسنًا طيّبًا، فأسرعوا به حتى يصل إلى تلك الحالة الطيّبة عن قريب انتهى (وَإِنْ تَكُ) أي الجنازة (غَيْرَ ذَلِكَ) أي غير صالحة (فَشَرٌّ) إعرابه كإعراب نظيره، وهو قوله: "فخير" (تَضَعُونَهُ، عَنْ رِقَابِكُمْ") أي فلا مصلحة لكم في مصاحبتها، وملابستها، لأنها بعيدة عن -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.

[تنبيه]: في هذا الحديث تعليل الأمر بالإسراع بتقديم الصالحة إلى الخير، والتعجيل بوضع غير الصالحة عن الرقاب، وقد أشير في حديث آخر إلى تعليل بعلة أخرى، وهي مخالفة أهل الكتاب، أو اليهود خاصّة:

ففي "مسند أحمد (٥) " عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا تبع


(١) - "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ج ٤ ص ٤٧١.
(٢) - وهي الرواية الآتية للمصنف بلفظ: "قدّمتموها إليه".
(٣) - "فتح" ج ٣ ص ٥٣٩.
(٤) - "شرح السندي" ج ٣ ص ٤٢ - ٤٣.
(٥) - لكن الحديث لا يصحّ، لأن في سنده عبد الحكيم قائد سعيد بن أبي عروبة، قال الدارقطني: يُترك انتهى. انظر "ميزان الاعتدال" ج ٢ ص ٥٣٧ و"لسان الميرزان" ج ٣ ص ٣٩٤. وتصحّف في "المسند" إلى عبد الحَكِمَ. فليُتنبّه.