للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سعد، عن طاوس، عن ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، قال: "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا قام للتهجّد، قال بعد ما يكبّر: "اللهم لك الحمد" (١).

ولأبي داود من هذا الوجه: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان إذا قام للتهجّد قال بعد ما يقول: "اللَّه أكبر … ".

(يَتَهَجَّدُ) أي يَسهَر بصلاة، قال الفيّومي: هَجَدَ هجُودًا، من باب قَعَد: نام بالليل، فهو هاجد، والجمع هُجُود، مثل راقد، ورُقُود، وقاعد، وقعود, وواقف، ووُقُوف، وهُجَّد أيضا مثل رُكَّع، وهَجَد أيضًا: صلى بالليل، فهو من الأضداد، وتهجّد: نام , وصلى، كذلك انتهى.

وقال في "الفتح": وتفسير التهجّد بالسَّهَر معروف في اللغة، وهو من الأضداد، يقال: تهجّد: إذا سَهِرَ، وتهجّد: إذا نام، حكاه الجوهريّ وغيره. ومنهم من فرّق بينهما، فقال: هَجَدتُ: نِمْتُ، وتهجّدتُ: سَهِرتُ، حكاه أبو عبيدة، وصاحب "العين"، فعلى هذا الهُجُود النوم، ومعنى تهجدت: طرحت عنّي النوم. وقال الطبريّ: التهجد السهَرُ بعد نومة، ثم ساقه عن جماعة من السلف. وقال ابن فارس المتهجّد المصلي ليلاً. وقال كراع: التهجّد صلاة الليل خاصّة انتهى (٢).

(قَالَ:) جملة في موضع نصب خبر "كان"، و"إذا" لمجرد الظرفية، أي كان - عليه السلام - عند قيامه من الليل، متهجدًا، يقول. وقال الطيبيّ: الظاهر أن "قال" جواب "إذا"، والجملة الشرطية خبر "كان" انتهى. (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ) قَدَّمَ الخبرَ للدلالة على التخصيص (أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ) أي منوّرهما، وبك يَهتدي من فيهما. وقيل: المعنى أنت المنزّه عن كلّ عيب، يقال: فلان مُنَوَّر، أي مبرّأ من كلّ عيب، ويقال: هو اسم مدح، تقول: فلان نُورُ البلد، أي مزيّنه.

قاله في "الفتح". وقال القرطبيّ: أي منوّرهما في قول الحسن، دليله قراءة عليّ - رضي اللَّه عنه - "اللَّه نَوّرَ السموات" بفتح النون، والواو مشدّدة, وقال ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: هادي أهلهما، وقال مجاهد: مُدبّرهما، وقيل. هو المنزّه في السموات والأرض من كلّ عيب، من قول العرب: امرأة نَوارة، أي مبرّأة من كلّ ريبة. وقيل: اسم مدح، يقال: فلان نُور البلد، وشمس الزمان، كما قال النابغة: [من الطويل]

فَإِنَّكَ شَمْسٌ وَالْمُلُوكُ كَوَاكِبُ … إِذَا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهُنَّ كَوْكَبُ

وقال الآخر: [من الطويل]


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٣٠٦.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٣٠٦.