للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثواب والعقاب الروحانيين وزعموا أن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمديا أبدا إما في لذة لا توصف وهي الأنفس الكاملة أو ألم لا يوصف وهي النفوس المتلوثة وقد تتفاوت درجات الألم على مقادير الناس وقد ينمحي عن بعضها الألم ويزول فيقال لهم نحن لا ننكر وجود النفس بعد الموت ولذلك سمي عودها إعادة ولا أن لها نعيما وشقاء ولكن ما المانع من حشر الأجسام ولم ننكر اللذات والآلام الجسمانية في الجنة والنار وقد جاء الشرع بذلك فنحن نؤمن بالجمع بين السعادتين وبين الشقاوتين الروحانية والجسمانية وأما الحقائق في مقام الأمثال فتحكم بلا دليل فإن قالوا الأبدان تنحل وتؤكل وتستحيل قلنا القدرة لا يقف بين يديها شيء على أن الإنسان إنسان بنفسه فلو صنع له البدن من تراب غير التراب الذي خلق منه لم يخرج عن كونه هو هو كما أنه تتبدل أجزاؤه من الصغر إلى الكبر وبالهزال والسمن فإن قالوا لم يكن البدن بدنا حتى يرقى من حالة إلى حالة إلى أن صار لحما وعروفا قلنا قدرة الله لا تقف على

المفهوم المشاهد ثم قد أخبرنا نبينا أن الأجسام تنبت في القبور قبل البعث وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزار نا أبو محمد الجوهري نا عمر بن محمد بن الزيات ثنا قاسم بن زكريا المطرز ثنا أبو كريب ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله : "ما بين النفختين أربعون (١) قالوا يا أبا هريرة أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت قال ثم ينزل الله ماء من السماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب (٢) الذنب منه خلق ومنه يركب الخلق يوم القيامة" أخرجاه في الصحيحين.


(١) هذه رواية مسلم ورواية البخاري المسئول فيها هو النبي ومعنى أبيت امتنعت عن الأخبار بما لا أعلم وقد جاءت مفسرة من رواية غيره في غير مسلم أربعون سنة.
(٢) هو بفتح العين وإسكان الجيم العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب وهو رأس العصعص.

<<  <   >  >>