للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحصين بإسناده عن محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي قال: "من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل منه أو ليستكثر" وإن لم يقبل هذا الرجل من الناس شيئا وكان مقصوده باظهار الفقر أن يقال رجل زاهد فقد رآى وإن كتم نعمة الله عنده ليظهر عليه الفقر لئلا ينفق ففي ضمن بخله الشكوى من الله.

وقد ذكرنا فيما تقدم إن رسول الله رأى رجلا بادى الهيئة فقال هل لك من مال قال نعم قال فلتر نعمة الله عليك وإن كان فقيرا محقا فالمحتسب له كتمان الفقر وإظهار التجمل فقد كان في السلف من يحمل مفتاحا يوهم أن له دارا ولا يبيت إلا في المساجد.

فصل ومن تلبيس إبليس على الفقراء أنه يرى نفسه خيرا من الغني إذ قد زهد فيما رغب ذلك الغني فيه وهذا غلط وان الخيرية ليست بالوجود والعدم وإنما هي بأمر وراء ذلك.

فصل: وقد لبس إبليس على جمهور العوام بالجريان مع العادات وذلك من أكثر أسباب هلاكهم فمن ذلك أنهم يقلدون الآباء والإسلام في اعتقادهم على ما نشئوا عليه من العادةفترى الرجل منهم يعيش خمسين سنة على ما كان عليه أبوه ولا ينظر أكان على صواب أم على خطأ ومن هذا تقليد اليهود والنصارى والجاهلية أسلافهم وكذلك المسلمون يجرون في صلاتهم وعباداتهم مع العادة فترى لرجل يعيش سنين يصلي على صورة ما رأى الناس يصلون ولعله لا يقيم الفاتحة ولا يدري ما الواجبات ولا يسهل عليه أن يعرف ذلك هوانا بالدين ولو أنه

أراد تجارة لسأل قبل سفره عما ينفق في ذلك البلد ثم ترى أحدهم يركع قبل الإمام ويسجد قبل الإمام ولا يعلم أنه إذا ركع قبله فقد خالفه في ركن فإذا رفع قبله فقد خالفه في ركنين فبطلت صلاته وقد رأيت جماعة يسلمون عند تسليم الإمام وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذاك أمر لا يحمله الإمام فتكون صلاته باطلة وربما يترك أحدهم فريضة وزاد في نافلة وربما أهمل غسل بعض العضو كالعقب وربما كان في يده خاتم قد حصر الأصبع فلا يديره وقت الوضوء ولا يصل الماء إلى ما تحته فلا يصح وضوؤه وأما بيعهم وشراؤهم فأكثر

<<  <   >  >>