للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا صبيان من يصفعني صفعة أعطيته جوزة وادخل إلى سوقك الذي تعظم فيه فقال يا أبا يزيد سبحان الله تقول لي مثل هذا ويحسن أن أفعل هذا فقال أبو يزيد قولك سبحان الله شرك قال وكيف قال لأنك عظمت نفسك فسبحتها فقال يا أبا يزيد هذا ليس أقدر عليه ولا أفعله ولكن دلني على غيره حتى أفعله فقال أبو يزيد ابتدر هذا قبل كل شيء حتى تسقط جاهك وتذل نفسك ثم بعد ذلك أعرفك ما يصلح لك قال لا أطيق هذا قال إنك لا تقبل.

قال المصنف : قلت ليس في شرعنا بحمد الله من هذا شيء بل فيه تحريم ذلك والمنع منه وقد قال نبينا : "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" ولقد فاتت الجمعة حذيفة فرأى الناس راجعين فاستتر لئلا يرى بعين النقص في قصة الصلاة وهل طالب الشرع أحدا بمحو أثر النفس وقد قال : "من أتى شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله" كل هذا للإبقاء على جاه النفس ولو أمر بهلول الصبيان أن يصفعوه لكان قبيحا فنعوذ بالله من هذه العقول الناقصة التي تطالب المبتدئ بما لا يرضاه الشرع فينفر.

وقد حكى أبو حامد الغزالي في كتاب الأحياء عن يحيى بن معاذ أنه قال قلت لأبي يزيد هل سألت الله تعالى المعرفة يقال عزت عليه أن يعرفها سواه فقلت هذا إقرار بالجهل فإن كان يشير إلى معرفة الله تعالى في الجملة وأنه موجود وموصوف بصفات وهذا لا يسمع أحدا من المسلمين جهله وان تخايل له أن معرفته هي اطلاع على حقيقة ذاته وكنهها فهذا جهل به.

وحكى أبو حامد أن أبا تراب النخشبي قال لمريد له لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من رؤية الله سبعين مرة قلت وهذا فوق الجنون بدرجات.

وحكى أبو حامد الغزالي عن ابن الكريني أنه قال نزلت في محلة فعرفت فيها بالصلاح فنشب في قلبي فدخلت الحمام وعينت على ثياب فاخرة فسرقتها ولبستها ثم لبست مرقعتي وخرجت فجعلت أمشي قليلا قليلا فلحقوني فنزعوا مرقعتي وأخذوا الثياب وصفعوني فصرت بعد ذلك أعرف بلص الحمام فسكنت نفسي قال أبو حامد فهكذا كانوا يرضون أنفسهم حتى يخلصهم الله من النظر إلى الخلق ثم من النظر إلى النفس وأرباب الأحوال ربما عالجوا

<<  <   >  >>