وذكر أبو نصر السراج في كتاب اللمع قال للصوفية استنباط منها قوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ قال الواسطي معناه لا أرى نفسي وقال الشبلي لو اطلعت على الكل مما سوانا
لوليت منهم فرارا إلينا قلت هذا لا يحل لأن الله تعالى إنما أراد أهل الكهف وهذا السراج يسمي هذه الأقوال في كتابه مستنبطات وقد ذكر أبو حامد الطوسي في كتاب ذم المال في قوله عزوجل: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ قال إنما عنى الذهب والفضة إذ رتبة النبوة أجل من أن يخشى عليها أن تعبد الآلهة والأصنام وإنما عنى بعبادته حبه والاغترار به.
قال المصنف ﵀: وهذا شيء لم يقله أحد من المفسرين وقد قال شعيب وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ومعلوم أن ميل الأنبياء إلى الشرك أمر ممتنع لأجل العصمة لا أنه مستحيل ثم قد ذكر مع نفسه من يتصور في حقه الإشراك والكفر فجاز أن يدخل نفسه معهم فقال: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ﴾ ومعلوم أن العرب أولاده وقد عبد أكثرهم الأصنام.
أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق نا المبارك بن عبد الجبار نا الحسين بن علي الطناجيري نا أبو حفص بن شاهين قال وقد تكلمت طائفة من الصوفية في نفس القرآن بما لا يجوز فقالت في قوله: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ فقال هم لآيات لي فأضافوا إلى الله تعالى ما جعله ﴿لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ وهذا تبديل للقرآن وقالوا: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ﴾ قالوا ولي سليمان. وأخبرنا ابن ناصر نا أحمد بن علي بن خلف ثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال قال أبو حمزة الخراساني قد يقطع بأقوام في الجنة فيقال: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ فشغلهم عنه بالأكل والشرب ولا مكر فوق هذا ولا حسرة أعظم منه.
قال المصنف ﵀: أنظروا وفقكم الله إلى هذه الحماقة وتسمية المغنم به مكرا وإضافة المكر بهذا إلى الله ﷾ وعلى مقتضى قول هذا أن الأنبياء لا يأكلون ولا يشربون بل يكونون مشغولين بالله ﷿ فما أجرأ هذا القائل على مثل هذه الألفاظ القباح وهل يجوز أن يوصف الله ﷿ بالمكر على