للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجاء فرأى ما أصنع فقال: "ما لك يا عائشة أغرت" (١) فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال: "أوقد جاءك شيطانك" قالت يا رسول الله أو معي شيطان قال: "نعم" قلت ومع كل إنسان قال: "نعم" قلت ومعك يا رسول الله قال: "نعم ولكن ربي ﷿ أعانني عليه حتى أسلم" انفرد به

مسلم ويجيء بلفظ آخر "أعانني عليه فأسلم" قال الخطابي عامة الرواة يقولون فأسلم على مذهب الفعل الماضي إلا سفيان بن عيينة فإنه يقول فأسلم من شره وكان يقول الشيطان لا يسلم قال الشيخ وقول ابن عيينة حسن وهو يظهر أثر المجاهدة لمخالفة الشيطان إلا أن حديث ابن مسعود كأنه يرد قول ابن عيينة وهو ما أخبرنا به ابن الحصين نا ابن المذهب نا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد ثنا يحيى عن سفيان ثني منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود يرفعه: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة" قالوا وإياك يا رسول الله قال: "وإياي ولكن الله ﷿ أعانني عليه فلا يأمرني إلا بحق" وفي رواية "فلا يأمرني إلا بخير" قال الشيخ انفرد به مسلم واسم أبي الجعد رافع وظاهره إسلام الشياطين ويحتمل القول الآخر

بيان أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم

أخبرنا هبة الله بن محمد نا الحسن بن علي نا أحمد بن جعفر نا عبد الله بن أحمد ثني عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن علي بن الحسين عن صفية بنت حيي زوج النبي قالت كان رسول الله معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت لأنقلب فقام معي ليقلبني (٢) وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا رسول الله أسرعا فقال النبي : "على رسلكما أنها صفية بنت حيي" فقالا سبحان الله يا رسول الله قال: "إن الشيطان (٣) يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما


(١) وهي الحمية والأنفة يقال: رجل غيور وامرأة غيور.
(٢) ليقلبني بفتح الياء أي ليردني إلى منزلي.
(٣) ظاهر الحديث أن الله تعالى جعل للشيطان قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان في مجاري دمه ويحتمل أنه من قبيل الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه وقيل: إنه يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل إلى القلب.

<<  <   >  >>