بوصولي ثم فكرت في نفسي أني شكيت وأني توكلت على غيره فآليت أن لا أدخل المرحلة إلا أن حملت إليها فحفرت لنفسي في الرمل حفرة وواريت جسدي فيها إلى صدري فسمعت صوتا في نصف الليل عاليا يا أهل المرحلة إن لله وليا حبس نفسه في هذا الرمل فالحقوه فجاء جماعة فأخرجوني وحملوني إلى المرحلة.
قال المصنف ﵀: قلت لقد تنطع هذا الرجل على طبعه فأراد منه ما لم يوضع عليه لأن طبع ابن آدم أن يهش إلى ما يحب ولا لوم على العطشان إذا هش إلى الماء ولا على الجائع إذا
هش إلى الطعام فكذلك كل من هش إلى محبوب له وقد كان النبي ﷺ إذا قدم من سفر فلاحت له المدينة أسرع السير حبا للوطن ولما خرج من مكة تلفت إليها شوقا وكان بلال يقول لعن الله عتبة وشيبة إذا أخرجونا من مكة ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة … بواد وحولي إذخر وجليل
فنعوذ بالله من الإقبال على العمل بغير مقتضى العلم والعقل ثم حبسه نفسه عن صلاة الجماعة قبيح وأي شيء في هذا من التقرب إلى الله سبحانه إنما هو محض جهل أنبأنا ابن ناصر نا جعفر بن أحمد السراج نا عبد العزيز بن علي بن أحمد ثنا أبو الحسن علي بن جهضم ثنا بكر بن محمد قال كنت عند أبي الخير النيسابوري فبسطني بمحادثته لي بذكر باديته إلى أن سألته عن سبب قطع يده فقال يد جنت فقطعت ثم اجتمعت به مع جماعة فسألوه عن ذلك فقال سافرت حتى بلغت اسندرية فأقمت بها اثنتي عشرة سنة وكنت قد بنيت بها كوخا فكنت أجئ إليه من ليل إلى ليل وأفطر على ما ينفضه المرابطون وإذا حم الكلام على قمامة السفر وآكل من البردي في الشتاء فنوديت في سري يا أبا الخير تزعم أنك لا تشارك الخلق في أقواتهم وتشير إلى التوكل وأنت في وسط القوم جالس فقلت إلهي وسيدي وعزتك لا مددت يدي إلى شيء مما تنبته الأرض حتى تكون الموصل إلى رزقي من حيث لا أكون فيه فأقمت اثنى عشر يوما أصلي الفرض وأتنفل ثم عجزت عن النافلة فأقمت اثنى عشر يوما أصلي الفرض والسنة ثم عجزت عن السنة فأقمت