رجلا يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل إني في كفاية قال الزم السوق تصل به الرحم وتعود به على عيالك وقال لرجل آخر اعمل وتصدق بالفضل على قرابتك وقال أحمد بن حنبل قد أمرتهم يعني أولاده أن يختلفوا إلى السوق وأن يتعرضوا للتجارة.
قال الخلال وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن محمد بن زياد حدثهم قال سمعت أبا عبد الله يأمر بالسوق ويقول ما أحسن الاستغناء عن الناس وقال الخلال وأخبرني يعقوب بن يوسف المطوعي قال سمعت أبا بكر بن جناد يقول الجصاصي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول أحب الدراهم إلي درهم من تجارة وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان.
قال المصنف ﵀: قلت وكان إبراهيم بن أدهم يحصد وسلمان الخواص يلقط وحذيفة المرعشي يضرب اللبن وقال ابن عقيل التسبب لا يقدح في التوكل لأن تعاطى رتبة ترقى على رتبة الأنبياء نقص في الدين ولما قيل لموسى ﵇: ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ خرج ولما
جاع واحتاج إلى عفة نفسه أجر نفسه ثمان سنين وقال الله تعالى ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ وهذا لأن الحركة استعمال بنعمة الله وهي القوى فاستعمل ما عندك ثم أطلب ما عنده وقد يطلب الإنسان من ربه وينسى ما له عنده من الذخائر فإذا تأخر عنه ما يطلبه يسخط فترى بعضهم يملك عقارا وأثاثا فإذا ضاق به القوت واجتمع عليه دين فقيل له لو بعت عقارك قال كيف أفرط في عقاري وأسقط جاهي عند الناس وإنما يفعل هذه الحماقات العادات وإنما قعد أقوام عن الكسب استثقالا له فكانوا بين أمرين قبيحين إما تضييع العيال فتركوا الفرائض أو التزين باسم أنه متوكل فيحن عليهم المكتسبون فضيقوا على عيالهم لأجلهم وأعطوهم وهذه الرذيلة لم تدخل قط إلا على دنيء النفس الرذيلة وإلا فالرجل كل الرجل من لم يضيع جوهرة الذي أودعه الله إيثارا للكسل أو لاسم يتزين به بين الجهال فإن الله تعالى قد يحرم الإنسان المال ويرزقه جوهرا يتسبب به إلى تحصيل الدنيا بقبول الناس عليه.
فصل: وقد تشبث القاعدون عن التكسب بتعللات قبيحة منا أنهم قالوا لا بد من أن يصل إلينا رزقنا وهذا في غاية القبح فإن الإنسان لو ترك الطاعة