المحمدان بن ناصر وابن عبد الباقي بإسناد عن عبيد الله قال سمعت أخي أبا عبد الله محمد بن محمد يقول سمعت خيرا النساج يقول كنت مع أمية بن الصامت الصوفي إذ نظر إلى غلام فقرأ ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ ثم قال وأين الفرار من سجن الله وقد حصنه بملائكة غلاظ شداد تبارك الله فما أعظم ما امتحنني به من نظري إلى هذا الغلام ما شبهت نظري إليه إلا بنار وقعت على قصب في يوم ريح فما أبقت ولا تركت ثم قال استغفر الله من بلاء جنته عيناي على قلبي لقد خفت ألا أنجوا من معرته ولا أتخلص من أثمه ولو وافيت القيامة بعمل سبعين صديقا ثم بكى حتى كاد يقضي نحبه فسمعته يقول في بكائه يا طرف لأشغلنك بالبكاء عن النظر إلى البلاء.
فصل: ومنهم من تلاعب به المرض من شدة الحبة أخبرتنا شهدة الكاتبة بإسناد عن أبي حمزة الصوفي قال كان عبد الله بن موسى من رؤساء الصوفية ووجوههم فنظر إلى غلام حسن في بعض الأسواق فبلى به وكاد يذهب عقله عليه صبابة وحبا وكان يقف كل يوم في طريقه حتى يراه إذا أقبل وإذا أنصرف فطال به البلاء وأقعده عن الحركة الضنا وكان لا يقدر أن يمشي خطوة فأتيته يوما لأعوده فقلت يا أبا محمد ما قصتك وما هذا الأمر الذي بلغ بك ما أرى؟
فقال: أمور أمتحنني الله بها فلم أصبر على البلاء فيها ولم يكن لي بها طاقة ورب ذنب يستصغره الانسان هو عند الله أعظم من كبير وحقيق بمن تعرض للنظر الحرام أن تطول به الأسقام ثم بكى قلت ما يبكيك قال أخاف أن يطول في النار شقائي فانصرفت عنه وأنا راحم له لما رأيت به من سوء الحال قال أبو حمزة ونظر محمد بن عبد الله بن الأشعت الدمشقي وكان من خيار عباد الله إلى غلام جميل فغشي عليه فحمل إلى منزله واعتاده السقم حتى أقعد من رجليه وكان لا يقوم عليهما زمانا طويلا فكنا نأتيه نعوده ونسأله عن حاله وأمره وكان لا يخبرنا بقصته ولا سبب مرضه وكان الناس يتحدثون بحديث نظره فبلغ ذلك الغلام فأتاه عائدا فهش إليه وتحرك وضحك في وجهه واستبشر برؤيته فما زال يعوده حتى قام على رجليه وعاد إلى حالته فسأله الغلام يوما أن يسير معه إلى منزله فأبى أن يفعل ذلك فسألني أن أسأله أن يتحول إليه فسألته فأبى أن يفعل