بالأشعار المطربة المثيرة للطبع إلى العشق وهذا دليل على أن الغناء محظور إذ لو لم يكن محظورا ما أجاز تفويت المال على اليتيم وصار هذا كقول أبي طلحة للنبي ﷺ عندي خمر لأيتام فقال أرقها فلو جاز استصلاحها لما أمره بتضييع أموال اليتامى وروى المرزوي عن أحمد بن حنبل أنه قال كسب المخنث خبيث يكسبه بالغناء وهذا لأن المخنث لا يغني بالقصائد الزهدية إنما يغنى بالغزل والنوح فبان من هذه الجملة أن الروايتين عن أحمد في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة فأما الغناء المعروف اليوم فمحظور عنده كيف ولو علم ما أحدث الناس من الزيادات.
فصل: قال المصنف: وأما مذهب مالك بن أنس ﵀ فأخبرنا محمد بن ناصر نا أبو الحسين بن عبد الجبار نا أبو إسحاق البرمكي نا عبد العزيز بن جعفر ثنا أبو بكر الخلال وأخبرنا عاليا سعيد بن الحسن بن البنا نا أبو نصر محمد بن محمد الدبيثي نا أبو بكر محمد بن عمر الوراق نا محمد بن السري بن عثمان التمار قالا أخبرنا عبد الله بن أحمد عن أبيه عن إسحاق بن عيسى الطباع (١) قال سألت مالك بن مالك بن أنس عن ما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله الفساق أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري قال أنبأنا أبو الطيب الطبري قال أما مالك بن
أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد وحده فإنه قد حكى زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا.