للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكلام السلف الصالح الذى لا يخالف سنة، فعمدت وجعلتها مناظرة معهم. فمن أذن لك فى ذلك؟ وهم مستغفرون للذين آمنوا، ولا يستكبرون عن عبادة الله. وقد قرن شهادته بشهادتهم قبل أولى العلم وما علينا كان الآدمى أفضل منهم أم لا، فتلك مسألة أخرى.

فشرعت تقول: إذا ثارت نار الحسد فمن يطفيها؟ وفى الغيبة ما فيها، مع كلام غث. أليس منا فلان؟ ومنا فلان؟ ومنا الأنبياء والأولياء. من فعل هذا من السلف قبلك؟ ولو قال لك قائل من الملائكة: أليس منكم فرعون وهامان؟ أليس منكم من ادعى الربوبية؟

فعمن أخذت هذه الأقوال المحدثة، والعبارات المزوقة، التى لا طائل تحتها وقد شغلت بها الناس عن الاشتغال بالعلم النافع أحدهم قد أنسى القرآن وهو يعيد فضل الملائكة ومناظرتهم، ويتكلم به فى الآفاق.

فأين الوعظ والتذكير من هذه الأقوال الشنيعة البشعة؟

ثم تعرضت لصفات الخالق تعالى، كأنها صدرت لا من صدر سكن فيه احتشام العلى العظيم، ولا أملاها قلب ملئ بالهيبة والتعظيم، بل من واقعات النفوس البهرجية الزيوف. وزعمت أن طائفة من أهل السنة والأخيار تلقوها وما فهموا. وحاشاهم من ذلك. بل كفوا عن الثرثرة والتشدق، لا عجزا - بحمد الله - عن الجدال والخصام، ولا جهلا بطرق الكلام. وإنما أمسكوا عن الخوض فى ذلك عن علم ودراية، لا عن جهل وعماية.

والعجب ممن ينتحل مذهب السلف، ولا يرى الخوض فى الكلام. ثم يقدم على تفسير ما لم يره أولا، ويقول: إذا قلنا كذا أدى إلى كذا، ويقيس ما ثبت من صفات الخالق على ما لم يثبت عنده. فهذا الذى نهيت عنه. وكيف تنقض عهدك وقولك بقول فلان وفلان من المتأخرين؟ فلا تشمت بنا المبتدعة فيقولون: تنسبوننا إلى البدع وأنتم أكثر بدعا منا، أفلا تنظرون إلى قول من

<<  <  ج: ص:  >  >>