للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمدينة النبوية، وبيت المقدس. وكان له حرمة عند الملوك والسلاطين، خصوصا ملوك الشام بنى أيوب.

وقدم بغداد حاجا سنة اثنتى عشرة وستمائة. وأكرمه الخليفة الناصر. وأظنه وعظ بها هذه السنة، وحضر فتح بيت المقدس مع السلطان صلاح الدين.

قال: واجتمعت بالسلطان فى القدس بعد الفتح بسنتين. وسألنى عن مذهب الإمام أحمد فى الخضاب بالسواد؟ فقلت: مكروه. وسألنى عن الكفار إذا استولوا على أموال المسلمين؟ فذكرت المذهب فى ذلك. فاعترضنى بعض الفقهاء الحاضرين، وجرى بينى وبينه مجادلة، فأكثر من الصياح، فصاح السلطان عليه: اسكت، صيحة مزعجة، فسكت وسكتنا لحظة، ثم قال لى: تمّم كلامك فذكرت، ثم سكتّ. فحكى السلطان قال: كان المجبر الفقيه يتكلم مع الجمال الحنفى، فكان الجمال يبقبق، والمجبر يحقق. ثم سألنى بعد ذلك عن مذهب أحمد فى الشبابة؟ ثم قال: معكم غير حديث ابن عمر؟ وبسطنى فى الكلام، حتى ذكرت له حسن أصوات أهل أصبهان. وذكر الطوال من الصحابة. وقال كانوا يسمون «مقبلي» وتوقف. فقلت: الطعن؟ فقال: الطعن. فكأن بعض الحاضرين نفس علىّ سؤال السلطان لى، وإقباله على كلامى، فقال: من أربعة من الصحابة من نسل رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقلت: أبو بكر الصديق، وأبوه أبو قحافة، وعبد الرحمن بن أبى بكر، ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبى بكر. ثم قال السلطان: هاتوا شيئا، فمدوا له سماطا مختصرا جدا، بعد عشاء الآخرة بساعتين، فأكلنا معه. فقال لى بعض أصحابه: هذا من أجلك، فإن له أكثر من شهر ما أكل بالليل، ثم أخذ يثنى على والدى، ويقول: ما أولد إلا بعد الأربعين. قال: وكان عارفا بسيرة والدى.

ودرس الناصح بمدة مدارس، منها مدرسة جده شرف الإسلام، ودرس بالمسمارية، مع أبى المعالى أسعد بن المنجى، ثم استقل بها وحده، وعزل ابن المنجى

<<  <  ج: ص:  >  >>