للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موفق الدين فى وكيل الغائب، إذا طالب بدين موكله، فادعى المدين: أن موكله قد استوفى دينه، فهل للقاضى دفع الوكيل ومنعه من الاستيفاء، حتى يحلف الموكل: أنه ما استوفى ولا أبرأ؟

فأجاب الشيخ موفق الدين: إن الوكيل لا يتمكن من الاستيفاء، من غير يمين موكله، وعلل بأن الموكل لو كان حاضرا ما استحق الاستيفاء بغير يمين، والوكيل قائم مقامه.

وذكر ابن حمدان: أن الناصح ابن أبى الفهم أنكر ذلك. وقال: لا خلاف فى المذهب أن الوكيل لا يمتنع من الاستيفاء بذلك. وأخرج كلام القاضى وابن عقيل فى المجرد بما يقتضى ذلك. وذكر عن بعض الشافعية: أنه حكى فى هذه المسألة خلافا بينهم.

قال الناصح: وقد ذكر الموفق فى الكافى: أن الدعوى على الغائب لا تسمع إلا ببينة، ودعوى المدين الإبراء والاستيفاء ههنا دعوى بلا بينة على غائب، فكيف تسمع؟ ثم أرسل هذا إلى الشيخ الموفق.

فأجاب: أما المسألة التى فى الوكالة: فإنما أفتيت فيها باجتهادى، بناء على ما ذكرت من التعليل. فإذا ظهر قول الأصحاب وغيرهم بخلافه فقولهم أولى.

والرجوع إلى قولهم متعين، لكن ما ذكره بعض الشافعية يدل على أنها مختلف فيها، وأنها مما يسوغ فيه الاجتهاد. وأما قولى وقول الفقهاء «لا تسمع الدعوى على الغائب إلا ببينة» فإنما أريد بها الدعوى التي إذا سكت صاحبها ترك، وإذا سكت المدعى عليه لم يترك؛ لأن سماع هذه الدعوى لا يفيد شيئا. إذ مقصودها القضاء على المدعى عليه. فإذا خلت عن بينة، ولم يكن المدعى عليه حاضرا، لم تفد الدعوى شيئا. إذ لا يمكن القضاء بغير بنية، ولا إقرار، ولا نكول، ولا رد يمين. والدعوى ههنا تراد للمنع من القضاء عليه. وذلك ممكن مع الغيبة، وسماع الدعوى مفيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>