من طبيخ فلان - لرجل سماه لى - وكان الحافظ لا يشتهى أن يأكل من طعامه، فأخذ لقمة ورفعها إلى فيه، ثم نظر إليه وقال: هذا من طبيخ فلان، ارفعوه، ولم يأكل منه شيئا.
قال الضياء: فسألت خالتى رابعة بنت أحمد بن محمد بن قدامة - امرأة الحافظ - بعد ذلك عن هذه الحكاية؟ فحدثتنى بها.
قال: وسمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار المقدسى قال:
كنت يوما عند الحافظ بالقاهرة، فدخل رجل فسلم عليه، ثم أخرج دينارين فدفعهما إليه، فدفعهما الحافظ إلىّ، وقال: ما كان قلبي يطيب بهما، فسألت الرجل؟ إيش شغلك؟ فقال: أنا أكتب على النطرون، والنطرون بمصر ماء يجمد مثل الملح وعليه ضمان.
وسمعته يحدث عن رجل - وأثنى عليه خيرا - قال: كنت مرة قد تحرقت ثيابى، فجئت يوما بدمشق للحافظ، فقلت: يا سيدى لك حاجة أحملها إلى الجبل؟ قال: نعم. خذ معك هذا الثوب، فحملته إلى الجبل. فلما صعدت، جئت بالثوب إليه، فقال: اقعد فصّل لك ثوبين وسراويل، ففصلت ثوبين وسراويل، وفضلت فضلة فأخذها.
سمعت الحافظ أبا موسى قال: مرض والدى رحمه الله فى ربيع الأول سنة ستمائة مرضا شديدا منعه من الكلام والقيام، واشتد به مدة ستة عشر يوما، وكنت كثيرا ما أسأله: ما تشتهى؟ فيقول: أشتهى الجنة، أشتهى رحمة الله تعالى، لا يزيد على ذلك. فلما كان يوم الاثنين جئت إليه. وكان عادتى أبعث من يأتى كل يوم بكرة بماء حار من الحمام يغسل أطرافه. فلما جئنا بالماء على العادة مدّ يده، فعرفت أنه يريد الوضوء، فوضأته وقت صلاة الفجر، ثم قال:
يا عبد الله، قد فصل بنا وخفف، فقمت فصليت بالجماعة، وصلّى معنا جالسا. فلما انصرف الناس جئت، فجلست عند رأسه وقد استقبل القبلة، فقال لى: اقرأ