للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا يكاد يفتر عن ذكر الله. وله في كل يوم وليلة ختمة يختم فيها القرآن (١).

كذا قال. وهذا بعيد جدا. مع اشتغاله بالتصانيف.

قال: ورأى رب العزة فى منامه ثلاث مرات. ومع هذا فللناس فيه - رحمه الله - كلام من وجوه.

منها: كثرة أغلاطه فى تصانيفه. وعذره فى هذا واضح، وهو أنه كان مكثرا من التصانيف، فيصنف الكتاب ولا يعتبره، بل يشتغل بغيره. وربما كتب فى الوقت الواحد فى تصانيف عديدة. ولولا ذلك لم يجتمع له هذه المصنفات الكثيرة.

ومع هذا فكان تصنيفه فى فنون من العلوم بمنزلة الاختصار من كتب فى تلك العلوم، فينقل من التصانيف من غير أن يكون متقنا لذلك العلم من جهة الشيوخ والبحث، ولهذا نقل عنه أنه قال: أنا مرتّب، ولست بمصنف.

ومنها: ما يوجد فى كلامه من الثناء، والترفع والتعاظم، وكثرة الدعاوى.

ولا ريب أنه كان عنده من ذلك طرف، والله يسامحه.

ومنها - وهو الذى من أجله نقم جماعة من مشايخ أصحابنا وأئمتهم من المقادسة والعلثيين - من ميله إلى التأويل فى بعض كلامه، واشتد نكرهم عليه فى ذلك. ولا ريب أن كلامه فى ذلك مضطرب مختلف، وهو وإن كان مطلعا على الأحاديث والآثار فى هدا الباب، فلم يكن خبيرا بحل شبهة المتكلمين، وبيان فسادها. وكان معظما لأبى الوفاء بن عقيل، يتابعه فى أكثر ما يجد فى كلامه، وإن كان قد ورد عليه فى بعض المسائل. وكان ابن عقيل بارعا فى الكلام، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار. فلهذا يضطرب فى هذا الباب، وتتلون فيه آراؤه. وأبو الفرج تابع له فى هذا التلون.

قال الشيخ موفق الدين المقدسى: كان ابن الجوزى إمام أهل عصره فى الوعظ، وصنف فى فنون العلم تصانيف حسنة. وكان صاحب قبول. وكان


(١) وتقدم قريبا: أن سبطه أبا المظفر قال: وكان يختم القرآن فى كل أسبوع. وهذا يبطل ما ذكره ابن القادسى فى تاريخه.

<<  <  ج: ص:  >  >>