للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وذكر غير واحد: أن الشيخ أبا الفرج تشرب حب البلاد، فسقطت لحيته، فكانت قصيرة جدا. وكان يخضبها بالسواد إلى أن مات. وصنف فى جواز الخضاب بالسواد مجلدا.

وذكره ابن البزورى فى تاريخه، وأطنب فى وصفه، وقال: أصبح فى مذهبه إماما يشار إليه، ويعقد الخنصر فى وقته عليه. ودرس بعدة مدارس، وبنى لنفسه مدرسة بدرب دينار، ووقف عليها كتبه. وبرع فى العلوم، وتفرد بالمنثور والمنظوم وفاق على أدباء عصره، وعلا على فضلاء دهره. وله التصانيف العديدة. سئل عن عددها؟ فقال: زيادة على ثلاثمائة وأربعين مصنفا. منها ما هو عشرون مجلدا ومنها ما هو كراس واحد. ولم يترك فنا من الفنون إلا وله فيه مصنفا. كان أوحد زمانه، وما أظن الزمان يسمح بمثله.

قال: وكان إذا وعظ اختلس القلوب، وتشققت النفوس دون الجيوب.

وذكره العماد الكاتب فى الخريدة، وابن خلكان والحموى، وابن النجار، وأبو شامة وغيرهم، وأثنوا عليه مع أن اشتهاره بالعلوم والفضائل يغنى عن الإطناب فى ذكره، والإسهاب فى أمره. فلقد بلغ ذكره مبلغ الليل، وسارت بتصانيفه الركبان إلى أقطار الأرض، وانتفع الناس بها انتفاعا بيّنا.

قال ابن النجار - بعد ذكره نبذة من أسماء مصنفاته -: من تأمل ما جمعه بان له حفظه وإتقانه، ومقداره فى العلم. وكان رحمه الله مع هذه الفضائل والعلوم الواسعة ذا أوراد وتأله، وله نصيب من الأذواق الصحيحة، وحظ من شرب حلاوة المناجاة. وقد أشار هو إلى ذلك. ولا ريب أن كلامه فى الوعظ والمعارف ليس بكلام ناقل أجنبى مجرد عن الذوق، بل كلام مشارك فيه.

وقد ذكر ابن القادسى فى تاريخه: أن الشيخ كان يقوم الليل ويصوم النهار.

وله معاملات. ويزور الصالحين إذا جن الليل، ولا يكاد يفتر إذا جن الليل،

<<  <  ج: ص:  >  >>