للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخذت من وديعتك هذا الخبز والشواء، فكل طيبا، فإنما هو لك، وأنا ضيفك الآن، بعد أن كنت ضيفى، فقلت له: وما ذاك؟ فقال: أمك وجهت لك معى ثمانية دنانير، فاشتريت منها هذا للاضطرار، فأنا معتذر إليك، فسكته، وطيبت نفسه، ودفعت إليه باقى الطعام، وشيئا من الذهب برسم النفقة، فقبله وانصرف

قال: وكنت أعامل بقليا كل يوم برغيف وبقل، فبقى له علىّ، فضقت، وما أقدر على ما أوفيه، فقيل لى: امض إلى المكان الفلانى، فمضيت، فوجدت قطعة ذهب، فوفيت بها البقلى. فكنت أشتغل بالعلم، فيطرقنى الحال، فأخرج إلى الصحارى، ليلا أو نهارا، فأصرخ، وأهج على وجهى، فصرخت ليلة، فسمعنى العبارون، ففزعوا، وجاءوا فعرفونى، فقالوا: عبد القادر المجنون، أفزعتنا، وكان ربما أغشى عليّ، فيغسلونى، ويحسبون أنى مت من الحال التى تطرقنى، وربما أردت الخروج من بغداد، فيقال لى: ارجع: فإن للناس فيك منفعة،

وذكر عن ابن الخشاب، قال: كنت أشتغل بالعربية، وأسمع بمجلس عبد القادر، فلا أتفرغ له، فجئت يوما فسمعته، ثم قلت: ضاع اليوم منى، فقال على المنبر: ويلك، تفضل الاشتغال بالنحو على مجالس الذكر، وتختار ذلك؟ اصحبنا، نصيرك سيبويه، فقلت: إنه يعنينى بكلامه، أو كما قال.

قال ابن النجار: وسمعت أبا محمد الأخفش يقول: كنت أدخل على الشيخ عبد القادر فى وسط الشتاء وقوة برده، وعليه قميص واحد، وعلى رأسه طاقية، والعرق يخرج من جسده، وحوله من يروحه، بالمروحة كما يكون فى شدة الحر.

وأخبار الشيخ عبد القادر كثيرة. اقتصرنا منها على هذا.

قال ابن الجوزى: توفى الشيخ عبد القادر، ليلة السبت ثامن - وقال غيره:

تاسع - ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمسمائة بعد المغرب. ودفن من وقته بمدرسته. وبلغ تسعين سنة.

وسمعت أنه كان يقول عند موته: رفقا رفقا. ثم يقول: وعليكم السلام، وعليكم السلام. أجئ إليكم، أجئ إليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>