قال: وسمعته يقول: مرضت مرة مرضا شديدا، انتهى بى الأمر فيه إلى مقام رفعت فيه إلى أرض ذات ظل ممدود، ورملة دمثة، وهو أطيب مستلذ، وبجانب تلك الرملة ماء على نحو دجلة لا أجراف له، وأنا أناجى فى سرى بما أراه من الله عزّ وجل، وفيه عتاب لى على نظرى إلى الخلق وعملى لهم، ونحو هذا. فشرعت فى الإنكار لذلك، فأعدم جميع من فى الأرض، بحيث لم يبق عندى أنه بقى فى الأرض غيرى، فاستوحشت حينئذ من الحياة، وودت الموت كل الوداد، حتى كنت أقول: لو كان الشرع يبيح قتل النفس كان شيئا طيبا، ثم عرضت علىّ أعمال الخير كلها، فلم تخف علىّ كما كانت تخفى علىّ، فوقر حينئذ فى نفسى أنك إنما كنت تريد الحياة معهم، وأعمال الخير لتبلغهم، ونحو هذا، فاعترفت حينئذ بما كنت قد ناكرت عليه، ثم نوجيت أيضا بما معناه: إنك قد تخاف من الأشياء، وإن دواء ذلك كله أن تدخل فى الخوف منه بالإيمان بأن كل مخلوق لا يقدر إلا على ما يقدره الله عزّ وجل عليه لوقته، أو نحو هذا.
قال: وسمعته يقول: اتباع السنة سبب لكل خير، فإنى صليت الفريضة يوما فى مسجدنا، ثم قلت: يستحب أن تصلى السنة فى غير موضع الفرض ومضيت إلى البيت فصليتها؟؟؟، ثم اشتاق قلبى إلى رؤية الله عزّ وجل، فقلت:
اللهم أرنى نفسك. فنمت تلك الليلة، فرأيته عزّ وجل. وأنشد هذه الأبيات، وقال: كان ابن سمعون كثيرا ما ينشدها:
ركبت بحار الحب جهلا بقدرها … وتلك بحار لا يفيق غريقها
وسرنا على ريح تدل عليكم … فبانت قليلا ثم غاب طريقها
إليكم بكم أرجو النجاة وما أرى … لنفسى منها سائقا فيسوقها
وذكر الوزير فى كتابه «الإفصاح» قال: الصحيح عندى: أن ليلة القدر تنتقل فى أفراد العشر، فإنه حدثنى من أثق به أنه رآها فى ليلة سبع وعشرين.
وحدثنى أمير المؤمنين المقتفى لأمر الله: أنه رآها. فأما أنا فكنت فى ليلة إحدى