أن ينسب إلى نوع تفريط، مثل من مال حائطه إلى جاره أو إلى الطريق، فإنه إذا لم يعلم به فلا نعلم خلافا فى أنه لا ضمان عليه، وإن علم وامتنع من النقض حتى سقط فأتلف، ففى وجوب الضمان عليه خلاف مشهور. فهذه الأرض الساقطة بسيل أو غيره على أرض الغير تشبه ما تلف بسقوط الجدار ونحوه.
وقد يقال: المتلف نوعان.
أحدهما: ما فات ولم يمكن إعادته من مال ونفس، فهذا الذى تكلم الفقهاء فى ضمانه على ما سبق ذكره.
والثانى: ما هو باقى، ولكن المالك بينه وبين مالكه. فهذا يلزم المالك الذى حال ملكه بينه وبين مالكه: أن يخلى بين المالك ليأخذه. فإذا عجز فهل يقال: يلزمه ضمانه لحيلولة ملكه. فقد ذكره صاحب المحرر فى مسودته على الهداية فيما إذا ابتلعت بهيمته جوهرة فى حال لا يلزم المالك ضمان جنايتها: هل يلزمه هنا شئ أم لا؟ وبيض لذلك.
ولكن كلام ابن عقيل وغيره فى مسألة من وقع فى محبرته دينار لغيره بغير تفريط منه: أنه يلزمه بذلها للكسر مضمونة، ولا يلزمه أكثر من ذلك يدل على أنه لا يلزمه ضمان ما حال ملكه بينه وبين مالكه، وأنه لا يلزمه أكثر من بذل التسليم للمالك، ليخلص ملكه. وهذا يبقى الضمان عند العجز. وهو الأظهر.
ولو قيل: إنه يلزمه الأجرة مدة الانتفاع ببقاء أرضه على أرض غيره، إلحاقا بمن حمل السيل غراسه إلى أرض آخر.
قلنا: يلزمه الأجرة، وفيه نظر. والله أعلم.
والذى ذكره القاضى وابن عقيل فيمن ابتلعت بهيمته ما لا لغيره يبقى، كذهب وجوهر: فإن كان يلزمه الضمان وكانت مأكولة: فهل تذبح لاستخراجه؟ على وجهين؛ للنهى عن ذبح الحيوان لغير مأكلة، وإن كانت غير مأكولة تعين الضمان، وإن لم تكن مضمونة عليه فلا ضمان.