للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: الإمام أحمد يراعى المعانى فى مسائل الأيمان، ومسألة الوقف، فإنّ الواقف إنما قصد بوقفه دوام الانتفاع بما وقفه، فإذا تعذّر حصول ذلك النفع من تلك العين أبدلناها بغيرها مما يحصل منه ذلك النفع، مراعاة بحصول النفع الموقوف ودوامه به. وهو المقصود الأعظم للواقف، دون خصوصية تلك العين المعينة.

وكذلك الحالف قصد الامتناع من تلك العين المحلوف عليها دخولا وأكلا.

وهذا القصد لا يتغير بتبدل صفات تلك العين، فإنّ ذاتها باقية. وهذا أفقه وأحسن مما اختاره ابن عقيل من تعليق الحكم على مجرد الاسم. فراعى العين فى صورة الوقف ولم يجز إبدالها، وإن فات المقصود منها لتعلق الوقف بها، وراعى الاسم المعلق به اليمين، فمنع الحنث بتبدله مع بقاء العين، ووجود المعنى الذى قصد اجتنابه باليمين.

وأما مسألة الميتة والخمر وما أشبههما: فهناك عين باقية على اختصاص صاحبها وتحت يده الحكمية لما بقى فيها من المنافع، فلذلك كان أحق بها. كذلك هنا العين باقية على الوقفية، لكن نحن نقول: يجوز إبدالها، والمخالف لم يذكر حجة على منع ذلك.

قال المخرمى: لا يجوز أخذ حكم الدوام من الابتداء، كما لم يجز فى باب تملك القريب ذى الرحم المحرم، وكما لم يجز فى باب تملك الكافر العبد المسلم بالإرث. فإنه لا يدوم الملك على الأب ولا على المسلم، ويصح ابتداء الملك فيهما، والأضحية المعينة يجوز نقلها إلى ما هو أسمن منها، فيقطع الدوام بالإبدال.

قال ابن عقيل: أما مسألة تملك ذى الرحم المحرم: فذاك ضد ما نحن فيه؛ لأن ذاك التملك جعل وسيلة الوسائل إلى الأغراض المقصودة، يعفى فيها عن خلل يدخل وضرر يحصل، كما فى مسألة النجاسة باليد، وإزالة المحرم الطيب عنه بيده. فالتملك للأب سبب للمجازاة والمكافأة التى نطق بها الشرع، وهى عتقه، ولا يمكنه ذلك فى ملك غيره، فصار التملك ضرورة لحريته، إذ لو ملكه

<<  <  ج: ص:  >  >>