ومثله حديث المقدام - رضي الله عنه - كما في (صحيح مسلم) أنه ضحك حتى استلقى.
وحديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - لمَّا قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، أتعرفني؟ قال: فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال: «نعم، والله إني لأعرفك .. » الحديث رواه أحمد.
ولا شك أن الصحابة - رضي الله عنهم - أبعد الناس عن مناهي الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما وقع ذلك منهم على النُّدْرَةِ «أي: الاستلقاء من شدة الضحك» لكنه مشعر بأنهم لا يرون في الضحك بأسًا تأسيًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد من هذا الحديث، تجنُّب كثرة الضحك كما هو ظاهر النص، لما يَعْقُب ذلك من قسوة القلب بل موته إذا تمادى صاحبه فيه، ولما يعقبه من الانشغال عن حياة القلوب والأرواح بما خُلِقَت له من ذكر وعبادة وتَنَسُّكٍ.
وما أحسن ما قاله ابن العربي - رحمه الله -: «المعنى فيه أن المرء إنما يضحك عند تأَتِّي الآمال، وصلاح الأحوال بما يناله من السرور فإذا ضحك اغْتَرَّ فأثَّر ذلك في قلبه بعدم الخوف، ففتر أو كَعَّ عن الاجتهاد في العمل لغفلة القلب، فإذا أكثر من ذلك وداوم عليه مات قلبه بترك أصل العمل وإعراضه عن الخوف في