[٣٤٧٨] اختُلِف في معنى: {رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها} في هذه الآية على قولين: الأول: الله الذي رفع السماوات بِعَمَدٍ لا ترونها. الثاني: رفع السماوات بغير عَمَد. ورجَّح ابنُ جرير (١٣/ ٤١١) مستندًا إلى دلالة ظاهر لفظ الآية: «أن يُقال كما قال الله -جلَّ ثناؤه-: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها}، فهي مرفوعةٌ بغير عَمَدٍ نراها، كما قال ربُّنا -جلَّ ثناؤه-، ولا خبر بغير ذلك، ولا حجة يجب التسليم لها بقول سواه». ووجَّه ابنُ عطية (٥/ ١٦٩) عود الضمير في قوله تعالى: {تَرَونَها} بأنه على القول الأول يعود على «العَمَد»، وعلى القول الثاني يعود على «السماوات». ورجَّح (٥/ ١٧٠) مستندًا إلى القرآن، والدلالة العقلية القول الثاني، وهو قول قتادة، وإياس بن معاوية، قائلًا: «والحق ألا عَمَد جملة، إذ العمد تحتاج إلى عمد، ويتسلسل الأمر، فلا بد من وقوفه على القدرة، وهذا هو الظاهر من قوله تعالى: {ويُمْسِكُ السَّماءَ أنْ تَقَعَ عَلى الأَرْضِ إلا بِإذْنِهِ} [الحج: ٦٥]، ونحو هذا من الآيات». وكذا ابنُ كثير (٨/ ١٠٢)، وزاد فقال: «وهذا هو اللائق بالسياق، ... فعلى هذا يكون قوله: {تَرَوْنَها} تأكيدًا لنفي ذلك، أي: هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها، وهذا هو الأكمل في القدرة». وانتقد ابنُ عطية (٥/ ١٧٠) القول الأول، سواء فيه قول مَن قال بأنها عَمَد غير مرئية، ومَن قال إن العَمَد جبل قاف المحيط بالأرض، والسماء عليه كالقبة، قائلًا: «وهذا كله ضعيف».