العربية، وتوليد الألفاظ، وإدخالِ ما ليس من كلام العرب في كلامهم: أبو بكرٍ بنُ دريد صاحبُ كتاب "الجمهرة" و "اشتقاق الأسماء" وقد حضرتُ في داره ببغداد، وسألت ابن عرفة عنه فلم يعبأ به ولا وَثَّقه في روايته.
ثم ذكر قصة السُّكْر، ثم قال: وقد تصفَّحت "الجمهرة" فلم أر ما يدل على معرفة ثاقبة ولا قَرِيحة جيدة، وعثرتُ فيه على حروف كثيرة أزالها عن جِهتها، وعلى حروف كثيرة أنكرتُها.
روى عنه أبو سعيد السِّيرافي، وأبو عبيد الله المرزُباني، وعمر بن محمد بن سيف، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفرج الأصبهاني صاحب كتاب "الأغاني"، وجماعة غيرهم.
وكان شاعرًا مجيدًا، نحويًا مُطَّلِعًا، يضرب بحفظه المثل، وكان يقال: هو أشعر العلماء وأعلم الشعراء.
وقال أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق: كان واسع الحفظ جدًّا، ما رأيت أحفظ منه، كان يُقرأ عليه دواوينُ العرب كلُّها، فيُسَابق إلى الانتهاء، وما رأيته قرئ عليه ديوانُ شاعر قَطّ إلَّا وهو يسابق إلى روايته.
وقال حمزة السهمي: سمعت أبا بكر الأبهري المالكي يقول: جلستُ إلى ابن دريد وهو يحدِّث، ومعه جُزْء فيه (قال الأصمعي) فكان يقول في واحدٍ: حدثنا الرِّياشي، وفي آخَر: حدثنا أبو حاتم، وفي اخر: حدثنا ابن أخي الأصمعي كما يجيء على قلبه!؟
قلت: قوله: "كما يجيء على قلبه" رَجْمٌ بالغيب، وإلَّا فما المانع أن يكون ابن دُرَيد مع وفور حفظه يَعرف ما حدَّثه به كلُّ واحد من هؤلاء على انفراده؟
وقال أبو ذر الهروي: سمعت ابن شاهين يقول: كنا نَدْخُل على ابن