وروى ابن عساكر في "تاريخه" عن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جَرَادة، إجازة، أخبرنا جدي أبو الفتح أحمد بن علي الحريري، أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن يحيى الدِّينَوَري سنة ٤١٦ قال: خرجت حاجًا سنة ٣٥٠ مع خالي، فذكر أنه لقيَ الأشجَّ وحدَّثه بنحو ما حدَّث عنه المفيدُ.
ولفظ هذا: رأيت حَلْقة دائرةً عليها خَلْق من الناس، فسألت بعضَهم فقلتُ: من هؤلاء، فقال: حُجَّاج من المغرب، فدنوتُ منهم، فإذا هم يقولون لهذا الأشج: حدِّثْنا، قال: نعم، خرجتُ مع أبي من قرية يقال لها: مَرَنْدَة نطلب الحج، فوصلنا مصر، فبلَغَنا حربُ عليّ مع معاوية، فقال لي أبي: أقم بنا حتى نقصدَ علي بن أبي طالب ونشاهدَه.
فلما دخلنا دمشقَ، طلبنا العسكَرَ، فبينا نحن سائرون - وكان يومًا شديد الحر - فلحق أبي عَطَش شديد، فقلت لأبي: اجلس حتى آتيك بماء، فبينا أنا أدور، رأيت عينًا تشبه الرَّكِيَّة، فلم أملك نفسي أن خلعتُ ما كان عليَّ، وطرحتُ نفسي فيها، فتغسَّلت منها، وشربتُ من مائها، وجئت إلى أبي، فوجدتُه قد قَضَى، فواريته وانصرفت، فدخلتُ العسكر ليلًا.
فلما كان من الغد، جئتُ فوقفتُ على باب خيمة عليّ، فخرج فقُدّمت له بغلةُ النبي ﷺ، فهَمّ أن يركب، فأسرعت لأقبّل ركابه، فنفحني بركابه، فشَجَّني هذه الشَّجَّة، وكَشَف عن رأسه، فرأينا أثر الشَّجة، فنزل فصاح: ادن مني، فأنتَ الأشجّ، فدنوتُ منه، فأمَرَّ يَدَه عليَّ ثم قال: حدِّثني بحديثك، فحدَّثته بما كان مني ومِن أبي، فقال: يا بني تلك عينُ الحياة، اللهم عَمِّره ثلاثًا، ثم قال: أنت المعمر أبو الدنيا ثم ذكر الأحاديث.
قال: ثم حججتُ سنة ٣٥١، فلقيتُه قدم في حُجّاج المغاربة، فحدَّثنا أيضًا، قال: ثم حججت سنة ٥٢، فوَصَل فحدَّثنا أيضًا.