للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لما حضر الأمير يشبك الفقيه الدوادار الكبير من بلاد الصعيد، وقد تقدم سبب سفره، فعند ذلك قوي قلب الملك الظاهر يلباي بخشداشينه المؤيدية، وكان غالبهم أمراء مقدمين ألوف، وطبلخانات، وَعَشرَاوَاتِ، فَأَرَادَ أَنْ يمسك خير بك الدوادار، وجماعة من الخُشقدميّة، فأرسل يقول للأمير يشبك الفقيه: "بأن يركب هُوَ وَالأمراء المؤيدية على المماليك الخشقدمية"، فكان تدبير الملك الظاهر يلباي في تدميره، كما قيل:

إذا لم يكن عون منَ اللهِ للفتي … فأول ما يجني عليه اجتهاده (١)

فركب الأمير يشبك الفقيه الدوادار، والأمير قنبك المحمودي أمير سلاح، والأمير جاني بك كوهيه أحد الأمراء المقدمين، والأمير مغلباي طاز أحد الأمراء المقدمين، والأمير طوخ الزردكاش، وجماعة المؤيدية بأجمعهم والتفَّ عليهم الأينالية والسيفية، فلبسوا آلة الحرب واجتمعوا عند الأمير يشبك الفقيه، فقعد الأمير يشبك الفقيه في المدرسة الجاوليّة، وحفر خنادقا في الطرقات، وركب مكحلة هناك، واتقع مع المماليك الخشقدمية يوم الخميس ويوم الجمعة، فنزل إليهم بعد صلاة الجمعة الأمير قايتباي المحمودي رأس نوبة النوب، ومعه جماعة من الظاهرية والخُشقدمية، فاتقعوا مع جماعة المؤيدية وقعة عظيمة، وقتل فيها بعض مماليك وغلمان.

فلما كانت ليلة السبت سابع جمادى الأول من سنة اثنتين وسبعين فهرب الأمير يشبك الفقيه من المدرسة الجاولية، وهرب بقية الأمراء المؤيدية أجمعين، فنهب العوام بيوتهم في يوم السبت.

ثم اجتمع الأمراء الظاهرية والخشقدميّة بالقلعة، وخلعوا الملك الظاهر يلباي من السلطنة، وولوا المقر الأتابكي تمربعًا سُلطانًا، كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه، ثم قيدوا الملك الظاهر يلباي، والأمير قنبك المحمودي أمير سلاح وَحُبِسُوا [٢١٨/ ١] في القلعة البحرة.

فلما كانَ يَوم الثلاثاء عاشر جمادى الأول، أرسلوا الملك الظاهر يلباي هو والأمير قنبك إلى السجن بثغر الإسكندرية، وهما في قيود، فتوجها إلى ثغر الإسكندرية وسُجنَا بها؛ ثم مُسك الأمير يشبك الفقية، والأمير جاني بك كوهيه، والأمير مغلباي طاز، وطوخ الزردكاش، وبقية المؤيدية (٢).


(١) بحر الطويل.
(٢) ورد الخبر مختصرًا في بدائع الزهور. (انظر: بدائع الزهور ٢/ ٤٦٦).

<<  <   >  >>