للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما استقر أمر الملك الظاهر يلباي في السلطنة ضعف أمره عن تدبير المملكة، وظهر عليه العجز، وتقلبّت عليه المماليك الخُشقدمية، وصارت أمور المملكة مَغدُوقةً بالأمير خير (١) بك الدوادار الثاني مملوك الملك الظاهر خُشقدم.

ثم إن خير بك [١/ ٢١٧] حَسّنَ بِبَالِ الظاهر يَلبَاي بأن يقبض على الأمير قرقماس الجلب، فأرسل قبض عليه، وعلى الأمير أرغون شاه أستادار الصحبة.

وكان الملك الظاهر خُشقدم وهو ضعيف على حياض الموت أرسل الأمير يشبك الفقيه الدوادار الكبير وَصُحبته الأمير قُرقماس الجلب، والأمير أرغون شاه، وجماعة من الأمراء العشراوات، والمماليك السلطانية، فتوجهوا إلى نحو بلاد الصعيد، بسبب فساد العُربان، وكانت البلاد جائلة بسبب ضعف السلطان خشقدم.

فلما تسلطن يلباي أرسل قبض على الأمير قرقماس الجلب وأرغون شاه وأرسلهما من هناك في مركب إلى السجن بثغر الإسكندرية، فلما وقع منه ذلك فنفرت منه قلوب العسكر، ثم إنه لما نفق على العسكر نفقة السلطنة فلم يعط أولاد الناس شيئًا، ولا الخُدام على جاري العادة، فكثر عليه الدعاء.

ثم بعد أيام من دولته حضر الأمير أزبك من طُطخ رأس نوبة النوب، وكان الملك الظاهر خُشقدم أرسله إلى العقبة، هو والأمير يشبك الفقيه الدوادار الكبير؛ بسبب فساد العربان لما شوشوا على الحجاج، فلما توجه الأمير أزبك إلى العقبة مشوا وراء العرب إلى الأزنم، فمسك منهم جماعة، وأحضرهم صحبته إلى القاهرة، فلما طلع إلى القلعة وأعرض العربان على السلطان يلباي، فرسم بتوسيطهم، وكانوا مائة وعشرين إنسان (٢)، وفيهم الصغار الذي دون البلوغ، فلم يعرف الظالم من المظلوم، وسط الجميع.

ثم لما حضر الأمير أزبك من العقبة، أشار الأمير خير بك الدوادار على السلطان يلباي بأن يولي الأمير أزبك نائب الشام، فلما طلع الأمير أزبك إلى القعلة في يوم الجمعة، أخلع عليه السلطان خلعة وولاه نائب الشام، ورسم له بأن يخرج إلى السفر يوم الإثنين، فخرج في ذلك اليوم وتوجه إلى الشام، وذلك في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة؛ ثم أخلع على قايتباي المحمودي واستقر به رأس نوبة النوب عُوضًا عن أزبك لما بقى نائب الشام.


(١) في بدائع الزهور ٢/ ٤٥٩ وجواهر السلوك ٣٤٨: "خاير".
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٤٦١: "نحو من ستين إنسانًا".

<<  <   >  >>