فلما تم أمر الملك الأشرف أينال في السلطنة، أخلع على من يذكر من الأمراء، وهم: المقر السيفي تاني بك الظاهري واستقر به أتابك العساكر عوضا عن نفسه؛ وأخلع على المقر السيفي خشقدم المؤيدي واستقر به أمير سلاح؛ … وأخلع على المقر السيفي طوخ بوني بازق واستقر به أمير مجلس؛ وأخلع على المقر السيفي قرقماس الجلب الأشرفي واستمر به رأس نوبة النوب؛ وأخلع على المقر السيفي يونس البواب (١) المؤيدي واستقر به دوادار كبير، وزوجه الملك الأشرف أينال بابنته الصغرى؛ وأخلع على المقر السيفي جرباش كرت الناصري واستقر به أمير أخور كبير؛ وأخلع على الأمير جاني بك القرماني واستقر به حاجب الحجاب.
وأنعم على ولده المقر الشهابي أحمد بتقدمة ألف، وأنعم على جماعة من الأمراء المؤيدية والأشرفية بتقادم ألوف، وأنعم على جماعة منهم بأمريات أربعين، وأمريات عشرة.
واستقر بالأمير تمراز الأشرفي دوادار ثاني، ثم نُفي في أوائل دولة الأشرف أينال، فلما نُفي استقر السلطان بالأمير برد بك دوادار ثاني عوضا عن تمراز الأشرفي، وكان الأمير برد بك من مماليك الملك الأشرف أينال وزوجه بابنته الكبرى، وكان الأمير برد بك له كلمة نافذة في مصر؛ فهذا كان ترتيب الأمراء أرباب الوظائف في مبتدأ دولته، ثم انتقلت من بعد ذلك الوظائف إلى جماعة كثيرة من الأمراء، حسبما يأتي ذكرهم في مواضعه.
ثم إن الأشرف أينال نفق على العسكر نفقه كاملة، واستقام أمره في السلطنة، ثم بعد مدة يسيرة، وثب عليه جماعة من المماليك الظاهرية، والتف عليهم جماعة من المماليك السيفية، ولبسوا آلة الحرب، وطلعوا إلى الرملة، فنزل الملك الأشرف أينال إلى المقعد المطل على سوق الخيل، ودقت الكوسات حربي.
ثم إن المماليك توجهوا إلى بيت الخليفة حمزة، فركبوه من بيته، وأتوا به إلى البيت الكبير الذي في حدرة البقر، فأقام هناك ساعة، وإذا بالجمع قد انفض بعد قتال هين، فعند ذلك قام الخليفة وتوجه إلى بيته، وكان السلطان لما أن بلغه اثارت هذه الحركة، وأرسل يقول للخليفة: "غيب من بيتك، إلى أن تنقضي هذه
(١) في بدائع الزهور ٢/ ٣٠٩: "الأقباي"؛ وفي جواهر السلوك ٣٣٥: "النواب".