للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومدرسة للعلم فيها مواطن … فشيخوا بها فرد وإيثاره (١) جمع

لئن بات فيها لقلوب مهابة … فواقفها ليث وأشياخها سبع (٢)

ثم دخلت سنة سبع وخمسين وسبعمائة، فيها ابتدأ السلطان الملك الناصر حسن بعمارة مدرسته التي في الرملة تجاه القلعة بسوق الخيل، وكان مكانها قصر يلبغا اليحياوي نايب الشام، فهدمه، وبنى المدرسة مكانه، وهذه المدرسة لم يعمر مثلها في مبتدأ الإسلام وإلى الآن (٣).

قيل: أن أيوَانها بني على مثال إيوان كسرى أنو شروان، وجعل فيها أربع مدارس، لكل شيخ مذهب مدرسة، ومن رأى عمارة مدرسة السلطان حسن عرف علو همته بين الملوك السالفة، كما قيل في المعنى:

لسنا وإن كرمت أوائلنا … أبدا على الأنساب (٤) نتكل

نبني كما كانت أوائلنا … تبني ونفعل فوق (٥) ما فعلوا (٦)

وفي هذه السنة: هبت ريح عظيمة من جهة الغرب، وكان ابتدأها من أوائل النهار، فاصفر منها الجو، ثم أحمر، ثم أسود، واستمرت ذلك اليوم، فهدمت عدة أماكن، وقلعت عدة أشجار، ودام ذلك إلى قرب التسبيح، فأمطرت السماء، وسكنت الرياح.

وفي هذه السنة: جاءت الأخبار بأن القان حسن صاحب بغداد توفي إلى رحمة الله تعالى، وتولى ولده القان أُويس عوضه.

ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، فيها: وثب مملوك من مماليك السلطان السلحدارية، يسمى قطلو قجاه السلحدار، على المقر السيفي شيخوا، وهو في الخدمة بالإيوان، فضربه في وجهه بالسيف ثلاث ضربات فعند ذلك وقع شيخوا إلى الأرض مغشيا عليه.


(١) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٨: "وآثاره".
(٢) بحر الطويل؛ البيتان في السلوك لمعرفة دول الملوك ٤/ ٢٢٠. حسن المحاضرة ٢/ ٢٦٦.
(٣) بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٩: الخبر في أحداث سنة ٧٥٨ هـ.
(٤) هكذا وردت في المصادر: "الأحساب".
(٥) هكذا وردت في أغلب المصادر: "مثل".
(٦) بحر الكامل؛ البيتان لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر
(انظر: الحيوان ٧/ ٩٥. الكامل في اللغة والأدب ١/ ١٣٢. العقد الفريد ٢/ ١٤٨. معجم الشعراء ص ٤٠٠، ٤١٠). وفي بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦١: نسب ابن إياس البيتين لابن أبي حجلة.

<<  <   >  >>