للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطاني ومعه بعض مماليك، ومُقدّمهم عنبر السحرتي، ثم إن السلطان مشى إلى بين الترب بمن معه من المماليك.

ثُم طلب الأمير شيخُوا العُمري وبعثه إلى الأمراء الذي (١) في قبة النصر، وقَالَ لَهُمْ: "إيش قصدكم حتى نعرف"، فمضى الأمير شيخُوا بهذه الرسالة إلى الأمراء، فقَالُوا له: "امض إليه، وَقُلْ له ينزل عن الملك، ويكف هذا القتال".

فلما رَدّ شيخُوا هذا الجواب على السلطان؛ فأغتاظ، وقال: "لا أنزل عن الملك، وَمَا عندي إلا السيف"، فرجع شيخُوا بهذا الجواب، ثم زحف الأمراء الذي (٢) في قبة النصر على السلطان، وجاء الأمير يببُغَا أُروس من وراء الجبل، وَضربُوا عَلى السلطان يزك، فلما رأى ذلك من كان مع السلطان، فَصَارُوا يَتسحَّبُونِ مِنْ حوله قليلا قليلا.

فتقدم إليه الأمير بيبُغَا أُروس، وحمل على السلطان فضربه السلطان بطير كان معه فلم يؤثر فيه، ثُم نزل بيبُغَا أُروس عن فرسه ومسك لجام فرس السلطان، وتكاثروا عليه المماليك، فقلعُوهُ من سرجه، فقبض عليه الأمير بيبغا أُروس، وأخذهُ وَهوَ ماشي مكشوف الرأس، ومضى [٦٤/ ١] به إلى عند الأمراء، فلما وقف بين يدي الأمير أرقطاي نائب السلطنة، نزل أرقطاي عن فرسه، وأرمى على الملك المظفر قباءَهُ، وقَالَ: "أعوذ بالله أن أقتل سُلطان بن سلطان، امضوا به إلى القلعة، فأسجنُوهُ بهَا"، فأخذه الأمير بيبغا أروس، ومضى به إلى تُربةٍ في البَابِ المحروق فخنقه هناك، وَدُفنَ مِنْ وَقتِهِ، وَمَاتَ ولَهُ من العمر نحو عشرين سنة.

فكانتْ مُدّة سلطنته بالديار المصريّة سنة وَثَلاثة أشهر وثمانية عشر يومًا.

وكان الملك المظفر حاجي شُجاعًا مِقدامًا جرّيًا، سفاكًا للدماء قتل جماعة كثيرة من الأمراء في أيامه، وكان كثير المُصادِرَات للرعيّة وغيرهم، وفيه يَقُولُ الصلاح الصفدي:


(١) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٢) كذا في الأصل، الصواب "الذين".

<<  <   >  >>