للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بقدرته، فتفسيرُ اليدِ بالقدرة أو بالنعمةِ يذهبُ بخصوصية آدمَ وبالفضيلة التي نوَّه اللهُ بها حين قال لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] (١).

والشُبهةُ العامةُ عند المعطِّلة هي أنَّ إثباتَ الصفاتِ يستلزم التشبيهَ، فنفوا كلَّ ما أثبته اللهُ ورسولُه من الصفات حذرًا من التشبيه.

وردَّ عليهم أهلُ السنَّة بقولهم: إذا كان إثباتُ الصفاتِ للهِ يستلزم التشبيهَ فانفوا كلَّ شيءٍ حتى الوجود؛ لأنَّ الإنسانَ موجودٌ، فهل إثباتُ الوجود لله يستلزمُ التشبيهَ؟ وقد علموا أنَّ الجواب بالضرورة: لا، فليس وجودُ الربِّ كوجود المخلوق، وكذلك حياتُه، فهل إثباتُ الحياةِ لله يستلزم التشبيهَ؟ الجواب: لا، فليس الحيُّ كالحيِّ، وليست حياةُ الربِّ كحياة المخلوق، ولا سمعه كسمعه، ولا بصره كبصره، وكذلك الشأنُ في وجهه ويديه وغضبه ورضاه ومحبته ، وليس رضاهُ كرضا المخلوق، ولا محبَّته كمحبته، ولا استواؤه كاستوائه، وليست يدُ الربِّ كأيدي المخلوقين.

فالواجبُ: الإثباتُ مع نفي التمثيل ونفي العلمِ بالكيفية.

ثم إنَّ المعطِّلةَ جمعوا بين التعطيل والتشبيه؛ فشبَّهوا أولًا حيث توهَّموا من صفات الربِّ ما يماثلُ صفات المخلوقين، وعطَّلوا ثانيًا حيث نفوها، وشبَّهوا ثالثًا؛ حيث شبَّهوا اللهَ بالنَّاقصات والجمادات والمعدومات (٢)، واللهُ تعالى أعلمُ بنفسه، وهو الذي أخبر في كتابه


(١) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٤٨١ - ٤٨٢)، والصواعق المرسلة (١/ ٢٧٠).
(٢) ينظر: التوضيحات الجلية في شرح الفتوى الحموية لشيخنا (ص ١٩٢).

<<  <   >  >>