للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

السنن»، وهو شرح لسنن أبي داود، وصاحب كتاب «شأن الدعاء»، وله كذلك كتاب «الغُنية عن الكلام وأهله».

وشيخ الإسلام ابن تيمية أراد أن يُؤكد بإيراده لهذه النقول: أن هذه العقيدة هي عقيدة السلف الصالح، وأن ما يقول به شيخ الإسلام ليس من نتاج أفكاره، وليس أمرًا ابتدعه وأحدثه، وإن كان قد طرأت فترة من الزمن ابتعد الناس فيها عن منهج أهل السنة والجماعة؛ فأراد هذا الإمام أن يُجَدِّد عقيدة أهل السنة والجماعة مرة أخرى، وأن يؤكد عليها من خلال هذه النقول.

فهذا الإمام الخطابي عندما سئل عن الصفات، أجاب بهذا الجواب الذي هو جواب أهل السنة كافَّة، فقال: «فإنَّ مذهب السلف: إثباتها، وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها»، وهذا الجواب يَحمل الثوابت في معتقد أهل السُّنَّة في هذا الباب، وهي ثلاثة:

أولًا: الوقوف في هذا الباب على ما ورد به الكتاب والسنة، فلا نسمِّي الله ولا نَصِفه إلا بما سمَّى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله ، وهذا ما أكده عليه الإمام الخطابي بقوله: «فأمَّا ما سألت عنه من الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسنة، فإن مذهب السلف إثباتها، وإجراؤها على ظواهرها».

فهذا الباب توقيفي، أي: يجب الوقوف فيه على ما ورد في الكتاب والسنة، فما ورد إثباته يُثبَت، وما ورد نفيه يُنفَي، لا يزاد على ذلك لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأنَّ مَنْ المخالفين مَنْ بالغ في النفي، ومنهم مَنْ بالغ في الإثبات.

فالمشبِّهة بالغوا في الإثبات؛ فأثبتوا لله تعالى أمورًا لم يُثبتها لنفسه، وخاضوا في شأن الكيفيات؛ فزلُّوا في هذا الباب. وكذلك المعطِّلة بالغوا في النفي؛ حتى نفوا ما أثبته الله لنفسه.

وأمَّا منهج أهل السنة فهو وسط بين الإثبات والنفي، بمعنى: أنهم أثبتوا ما أثبته الله تعالى لنفسه فلم يزيدوا على ذلك، ويتقيدون بما ورد من ألفاظ في القرآن والسنة، ويتحرَّزون عن إطلاق ما أطلقه بعض المخالفين من ألفاظ؛ مثل: الجوارح، أو الأبعاض، أو الجسم، أو غير ذلك.

فأهل السنة لا يتكلمون بهذه الألفاظ؛ لأنها لم تَرِد في النص لا إثباتًا ولا نفيًا، فتقيدوا بما ورد.

فينبغي على طالب العلم المتبع لمنهج أهل السنة والجماعة ألَّا يخفى عليه هذا الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>