للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(٨٢) فقال هنا: "والمقصود هنا التنبيه على أُصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول ، وأن من جعل الرسول غير عالم بمعاني القرآن الذي أُنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، لم يجعل القرآن هدى ولا بيانًا للناس".

فهذا هو شأنهم مع الأصل ومع النصوص، يحاولون التشكيك في دلالتها والتشكيك في ثبوتها، وحتى التشكيك في قائلها الذي هو النبي .

ثم هؤلاء يُنكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، فلا يجعلون عند الرسول وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم في باب معرفة الله ﷿ لا علوماً عقلية ولا سمعية لأنهم يقولون: إن هؤلاء مفوضة كانوا يقرؤون هذه النصوص ولا يدرون ما هي معانيها.

فهكذا يستمر هجومهم على الحق وعلى القائلين به، وهؤلاء جعلوا النبي وجعلوا سلف الأمة أُناساً يقرؤون القرآن ولا يفقهون معناه، وأنهم هم الذين استطاعوا أن يفقهوا تلك المعاني وأن يعرفوها، فهؤلاء كما يقول المصنف شاركوا الملاحدة من وجوهٍ متعددة، فإذا كان الملاحدة يقولون: هذه خيالات فأيضاً هؤلاء شاركوهم في بعض الأحيان في ذلك، فيقولون: إنما قال النبي هذه الأمور من باب أن يخاطب هؤلاء بما يعقلون.

فيقولون: إن النبي خاطبهم بذكر الاستواء وذكر اليد، وذكر الرضا وذكر الغضب وغير ذلك لأن هؤلاء لا يؤمنون إلا بهذا الأسلوب، فهذا وجه مشاركة بين الأشاعرة أهل الكلام وبين الملاحدة من الفلاسفة، ولاشك أنهم مخطئون فيما نسبوه إلى النبي وإلى السلف من الجهل، كما أخطأ في ذلك أهل التحريف والتأويلات الفاسدة وسائر أصناف الملاحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>