قول المصنف:"فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إذَا دُعُوا إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَإِلَى الرَّسُولِ -وَالدُّعَاءُ إلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ هُوَ الدُّعَاءُ إلَى سُنَّتِهِ"، أي أن هؤلاء المخالفون إذا عرض عليهم الرجوع إلى الكتاب والسنة وقيل لهم: تعالوا للكتاب والسنة واتركوا ما تسمونه بالمعقولات، وعليكم أن تحاجُّونا بقال الله وقال الرسول، وترجعوا الأمر إلى كلام الله تعالى وكلام رسوله ﵌، لن تجد منهم قبولاً ولن تجد منهم إلا الصدود والإعراض.
قال المصنف:"أَعْرَضُوا عَنْ ذَلِكَ وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّا قَصَدْنَا الْإِحْسَانَ عِلْمًا وَعَمَلًا بِهَذِهِ الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْنَاهَا وَالتَّوْفِيقَ بَيْنَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ" فتحت دعوى التوفيق بين المعقول والمنقول، حكموا ببطلان المنقول وقدَّسوا المعقول حتى جعلوه في أعلى الدرجات، قطعاً، فجعلوه قطعي الثبوت وقطعي الدلالة.
فهذا هو ردهم، وأنهم أرادوا الإحسان وأنهم أرادوا التوفيق بين المنقول والمعقول، وبعد ذلك يوردون الشُبَه أو الأعذار من هذا القبيل، فقد يقول قائلهم: الكافر كيف يقبل قال الله وقال الرسول، وكيف تطلبون منا أن نقيم توحيداً على الكتاب والسنة ونترك ونتجاهل العقل؟ ومن أمثال هذا الكلام.
فيقال لهم: لو سلم لك هذا الكلام جدلاً، فأنت الآن أولاً لماذا لا تخاطب المسلم بقال الله وقال الرسول؟ فأطفال المسلمين وأبناء المسلمين الذين بين أيديكم لماذا لا تنشؤوهم على منهج الكتاب والسنة؟ ثم لكل حادثٍ حديث، إن كان الكلام مع من لا يؤمن بالله واليوم الآخر فهذا أمر آخر، وإن كان بحمد الله في الكتاب