للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله على العرش الذي فوق السماوات، فلولا أن الله على العرش لم يَرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يُحطونها إذا دعوا إلى الأرض».

من أدلة الفطرة على علو الله تعالى: رفع الأيدي إلى السماء أثناء الدعاء، وقد جاءت النصوص الشرعية بالأمر بذلك؛ قال أبو الحسن بن مهدي في قوله تعالى: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾: «اعلم أن الله تعالى في السماء فوق كل شيء مستو على العرش بمعنى أنه عال عليه، ومعنى الاستواء الاعتلاء. وإنما أمرنا الله تعالى برفع أيدينا قاصدين إليه برفعها نحو العرش الذي هو مستو عليه» (١).

وقال القاسمي : «ومن الحجة-أيضًا-في أنه ﷿ على العرش فوق السموات السبع: أنَّ الموحدين أجمعين من العرب والعجم، إذا كَرَبهم أمرٌ، أو نزلت بهم شِدَّة رفعوا وجوههم إلى السماء، ونصبوا أيديهم رافعين مشيرين بها إلى السماء، يَستغيثون الله ربهم ، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته؛ لأنه اضطراري لم يخالفهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم، وقد قال للأَمَة التي أراد مولاها عتقها؛ إن كانت مؤمنة. فاختبرها رسول الله صلى الله على وآله وسلَّم بأن قال لها: «أينَ اللهُ؟». فأشارت إلى السماء. ثم قال لها: مَنْ أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: «أعتقها؛ فإنها مُؤمنة» (٢). فاكتفى رسول الله منها برفع رأسها إلى السماء، واستغنى بذلك عما سِوَاه» (٣).

فما يجده الناس بفطَرِهم هو ضرورة التوجه بقلوبهم نحو السماء، ورفع أيديهم تجاهها.

وقد شاع بين الأشاعرة شبهة ورثوها عن الجهمية: وأصل ذلك: أنهم أرادوا نفي


(١) انظر: «العلو للعلي الغفار» للذهبي (ص ٢٣١ - ٢٣٣).
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم السلمي .
(٣) تفسير القاسمي محاسن التأويل» (٥/ ٧٩، ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>