للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(١٣١) «ومن متأخريهم: الشيخ الإمام أبو محمد؛ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، قال في كتاب «الغنية»: أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد.

إلى أن قال: وهو بجهة العلو، مُستو على العرش، مُحتو على الملك، محيط علمه بالأشياء؛ ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السجدة: ٥]، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان؛ بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥].

وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال: «وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف، وذكر كلامًا طويلًا لا يحتمله هذا الموضع، وذكر في سائر الصفات نحو هذا» (١).

ولو ذكرت ما قال العلماء في هذا لطال الكتاب جدًّا».

قوله هنا: «ومن المتأخرين»، أي: من متأخري المتصوفة، وأشار في هذا إلى عبد القادر الجيلاني، وهو معروفٌ عند أهل التصوف ويُعظمونه، ويعتقدون فيه الولاية، وله كتابٌ اسمه «الغنية لطالبي طريق الحق»، وهو مطبوع، وفيه فصل في الاعتقاد، وقد دَوَّن فيه اعتقاد أهل السنة والجماعة.

ومعلومٌ أن المتصوفة نَسَبوا لعبد القادر الجيلاني أشياءَ كثيرة لا شك أنه منها بَراء؛ فعقيدته هي التي دوَّنها في هذا الكتاب تدل على أنه من معتدلي المتصوفة، وأن ما نُسب إليه من بعض الكرامات أو أمور العجيبة إنما هي من الأمور التي يفتريها هؤلاء على بعض الصالحين.


(١) «الغنية» (ص ١٢١ - ١٢٨). وانظر: «ذيل طبقات الحنابلة» (٣/ ٢٩٦)، و «اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص ٢٧٧)، و «العلو» للذهبي (ص ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>