بأقلام القراء
[الذين ينصبون أنفسهم مدافعين عن الدين]
أم عمار - اسكتلندا
كثير هم.. أولئك الذين يجنون على الإسلام، وعلى الأمة الإسلامية مع أن
بعضهم يبدو عليه معالم الالتزام في كثير من مناحي سلوكه.
إنهم أولئك الذين يعرضون الإسلام على عقولهم.. فإذا وافقها قبلوه، وإذا
خالفها رفضوه، وقاصمة ظهر الأمة أن يتزعم هؤلاء دعوة أو يلبسوا لباس أهل
التقوى، فيحلوا ويحرموا؛ فيهلكوا ويهلكوا.
إن الأمة الإسلامية قد أكرمها الله بأن جعل لها نصاً ثابتاً حفظه من التحريف
والضياع، وجعل لها حكمة قرنها بالقرآن وجعلها مبينة له وهي السنة التي جاءت
على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن السنة لم تدون في عصره -صلى
الله عليه وسلم- لحكمة أرادها الله، فاعتمدت على الرواية، وكان الناس يقبلونها
يوم أن كان يؤمن الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما اندس بين
المسلمين من أعدائهم من تشبه بسمتهم وأظهر هديهم، وفي قلبه مرض الكيد للإسلام، بدأ الاعتناء بالسند.
فهذه الأمة على ما أكرمت من حفظ لكتاب الله، أكرمت بالسند الذي من خلاله
يميز الطيب من الخبيث، مما يدور على الألسنة وتسطره الكتب من سابق العصور
ولاحقها، ومن ثم ابتليت الأمة بقوم اغتروا بعقولهم، وأحسنوا الظن بها، فنبذوا
الأسانيد التي أكرم الله الأمة بها، فليت شعري، أنترك حديث رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- لأنه لم يبلغ عقل هذا أو ذاك؟ ، إنا إذاً خاسرون، نخسر مكرمة
أكرمنا الله بها دون غيرنا، فما قيمة الأسانيد؟ ، وما قيمة كتب الرجال التي أضاع
العلماء فيها أعمارهم، وإلا لو حكمنا العقول لأتى من بعدنا من يغير ويبدل حسب
عقله، حتى يندرس العلم؛ ويضيع الفهم الصحيح النقي.
فيا من يسخرون من حديث صح سنده -وكان كالشمس في رابعة النهار- لأنه
خالف عقولكم ويبرؤون الدين منه، ونصبوا أنفسهم حماة ومدافعين: اتقوا الله،
اتقوا الله، أن تخاصموا رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-، ويا من يقلد هؤلاء
ويسير على نهجهم: اتقوا الله، فالدين ليس بالعقول القاصرة، فالعقل الصحيح لا
يعارض النص الصريح.