بينما تتوارد أخبار قتل أهلنا في فلسطين، وتهديم البيوت عليهم وهم أحياء، واقتلاع أشجارهم على يد يهود يتكشف للعالم الوجه الحقيقي لطبيعة التحرير والإعمار الأمريكي للعراق بأنه تدمير وإذلال وإبادة، ولم يعد غريباً سماع أنباء المجازر التي ترتكب في حق المسلمين في جزر الملوك ونيجيريا. ومما يدمي القلب أن هذه الأحداث يُمنع إدانتها أو طرحها في مجلس الأمن توقِّياً لإحراج الإدارة الأمريكية التي تجاوزت الحد في استخدام حق النقض.
إن الجميع مشغولون هذه الأيام بقضية دارفور؛ فعنان يهدد بتدخل الأمم المتحدة العسكري، وأمريكا تهدد بحصار السودان، وبلير الغارق في مشكلة العراق يعلن استعداده لإرسال خمسة آلاف جندي، ووزير خارجية ألمانيا يزور الخرطوم من أجل دارفور. أما فرنسا فتعلن الاستنفار العسكري لقواتها في تشاد؛ وعلى العالم أن يصدق أن هذا الاهتمام نابع من إحساس إنساني مرهف وضمير حي جعل حتى بوش يقضي جزءاً من وقته الثمين في تهجِّي نطق الجنجويد والتدرب عليه، وهي الميليشيات العربية المتوحشة التي تضطهد الأفارقة المساكين وتبيدهم على ما يقولون.
والسؤال الأهم: متى يأتي دور قضاياهم المزعومة كاضطهاد الأقلية القبطية، وما يسمونه بتهميش المرأة، بل وحتى ظلم العمال الأجانب المزعوم في دول الخليج؟
إنها قضايا مفتعلة تُضخَّم، ثم تكون قضايا تداس في سبيلها دول، وتملى فيها شروط وتروَّض فيها السيادة. إنه مجرد سؤال للساكتين الذين ينتظرون دورهم!!