الباب المفتوح
الهجمة على العقيدة والنظام
الاجتماعي في الإسلام
أحمد عبد الدايم أبو نصرة
الجديد في الهجوم على العقيدة هو الجرأة عليها وإسقاط رموزها ومسلَّماتها
التي لا تمس عند المسلمين ولا تقبل النقاش؛ لأنها من الثوابت التي استقرت
وترسخت، ويُتخذ في حق من يمسها ما يستحقه حين تكون الأمة بوعيها وعافيتها؛
وذلك مثل الذات الإلهية المقدسة والمنزهة، ورسول الإسلام الكريم صلى الله عليه
وسلم وقرآنه العظيم. ومن أوجه هذه الجرأة على سبيل المثال لا الحصر:
١ - الاستبيانات العلمية في المدارس والجامعات والصحف من مثل أن الدين
فكرة، وأن الإسلام منطق.
٢ - مؤتمر الأديان؛ حيث يجتمع من يمثلون الإسلام مع من يمثلون الوثنيين
من عبّاد الفأر، وعباد البقر، وعبّاد الخشب، بما يوحي أن ما في مثل هذه الأديان
من خرافات وترهات لا يسمو عليه الإسلام، وأن جميعها أفكار قابلة للصواب
والخطأ والنقاش، لا يجوز التعصب لها ولا الدعوة إليها، وخير من ذلك كله ما
يجمع الناس على فكر واحد وثقافة واحدة وهو دين العولمة، ولذلك لا عجب أن
نرى مقررات مؤتمرات الأديان تخرج علينا بأفكار العولمة بوصفها ديناً جديداً بديلاً
من الأديان، مثل: البيئة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية، وحقوق
المرأة وتميزها، إلى غير ذلك دون ذكر كلمة واحدة عن أفكار الأديان أو عقائدها.
٣ - استهداف رموز الإسلام ومسلَّماته من مثل الذات الإلهية المنزهة،
وشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والقرآن العظيم، والتطاول عليها
لإسقاط عظمتها وهيبتها من نفوس المسلمين ليسهل في النهاية عدم التصدي لمن
يتطاول عليها ثم التنازل عنها للدين البديل.
وتتلاقى هذه الهجمة الشرسة على ثوابت العقيدة مع كل ما يخطط من الكفر
للمسلمين والمساس بثوابتهم؛ وأبرزها الهجمة الشرسة على النظام الاجتماعي وما
يراد للمرأة المسلمة أن تكون.
١ - فمن تسخير البرلمانات والمجالس الشعبية لسنِّ القوانين لإخراج المرأة
المسلمة عن طبيعتها وكونها أمّاً وربَّة بيت وعِرض يجب أن يصان إلى أن تصبح
ألعوبة للشهوات ودمية للأهواء، يلغي بهذه القوانين دور الأسرة فتكون المرأة
المسلمة نسخة عن المرأة الأوروبية في بلاد المسلمين لنشر ثقافة الإيدز، والعري،
والشذوذ الجنسي، ومن هذه التشريعات والقوانين الإباحية: إباحة السباحة لها بدلاً
من قوله تعالى: [قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ] (النور: ٣٠) ،
[وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ] (النور: ٣١) .
٢ - إلغاء أو تعديل المواد التي فيها حد من الفحش، وما أسموه جرائم
الشرف من مثل المادة ٣٤٠ في الأردن، والمادة ٢٤٠ في مصر، تعديل قوانين
الأحوال الشخصية والنظام الاجتماعي من مثل: الخلع، سفر الزوجة، قبول طلاق
المتزوجة عرفاً، وإلغاء لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وجواز الإجهاض مما
يخفف متاعب الجنين على الحامل.
٣ - السماح بالمناداة لعري المرأة، وحريتها في جسدها، وحقها في إقامة
علاقات منحرفة خارج البيت.
٤ - عقد المؤتمرات النسوية والصحفية للمناداة بإلغاء قانون الاجتماع
الإسلامي وإيجاد قانون أحوال شخصية لا علاقة له بالإسلام تكون فيه تشريعات
نسوية علمانية لا يكون لله فيها أي سلطان أو حق على حد تعبير نوال السعداوي.
٥ - إحياء ذكرى من نادوا بحرية المرأة من مثل قاسم أمين، وما نادت به
مَنْ أحيَيْنَ هذه الذكرى مما يندى لذكره الجبين.
٦ - عقد المؤتمرات الدولية بعنوان تنظيم الأسرة؛ فمن مؤتمر في المكسيك
سنة ١٩٧٥م الذي دعا إلى حرية الإجهاض للمرأة، والحرية الجنسية للمراهقين
والأطفال، وتنظيم «الأسرة لضبط سكان العالم الثالث» ، إلى مؤتمر نيروبي عام
١٩٨٥م تحت عنوان: «استراتيجيات التطلع إلى الأمام من أجل تقدم المرأة» ثم
مؤتمر القاهرة سنة ١٩٩٤م تحت عنوان: «المساواة والتنمية والسلام» وبرز فيه
عولمة المرأة، وكذلك مؤتمر بكين الذي يمثل مخططاً واضحاً لهدم الأسرة وتدمير
الحضارة البشرية، والذي لا يتحدث عن الزواج باعتباره رباطاً شرعياً بين الرجل
والمرأة، وبدلاً عن مصطلح الزوج تستعمل عبارة: الشريك أو الزميل.
هذه الحضارة التي يريدونها بفرض أفكارهم المتعلقة بالمرأة، ومنها حق
الإنسان في تغيير هويته الجنسية، ومن ثم الاعتراف رسمياً بالشواذ أو المخنثين
واللوطيين والسحاقيين؛ وذلك بإدراج حقوقهم الانحرافية ضمن حقوق الإنسان،
ومنها الحصول على أطفال بالتبني. وتطالب وثيقة بكين التي هي مرجعية هذه
الحضارة بحق المرأة والفتاة بحرية جنسية آمنة مع من تشاء وفي أي سن تشاء؛
وليس بالضرورة في إطار الزواج الشرعي. ووثيقة بكين هذه قد وقعت عليها مائة
وثمانون دولة، وقد نادى الرسميون في بلاد المسلمين بما يحقق هذا في الواقع،
ومن ذلك تزويج الفتاة دون إذن الولي.
وفي مسيرة الإدماج الاجتماعي التي أشرفت عليها الدولة في المغرب نادى
أصحابها بمنع تعدد الزوجات أسوة بتونس، وأن يكون الطلاق بيد القاضي لا بيد
الرجل، ورأوا المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة وذلك عند الطلاق أو
الموت.
إن ما يراد بالمسلمين وما يخطط لهم يستهدف مقدساتهم الفكرية وعرضهم
وعلاقاتهم الاجتماعية؛ ليتم التحكم في حياتهم من جميع جوانبها؛ فهل يُقابَل هذا
بالصمت أم بالشعور بالويل والمرارة؟ ! أم تكفي فيه ردة فعل غاضبة يعبر عنها
بمسيرة صاخبة، أو بمقالات ساخنة في الصحف ثم تخبو جذوتها ويُتناسى ما جاء
فيها؛ لتصحو من جديد على تشريع جديد أو رواية أخرى أو مؤتمر يقرر فيه إلغاء
دينهم؟ لقد تعرضت ديارهم وهويتهم ومقدساتهم لمثل هذا فآثروا السكوت والحياد
إلى أن ساموها خسفاً وتضييعاً؛ فضاعت وهم ينظرون؛ فهل يقفون نفس الموقف
لتضيع عقيدتهم، ويضيع عرضهم فيكون مصيرنا الضياع والاندثار؟ !