نص شعري
[الليث الجريح]
صالح بن عيضة صالح الزهري
سِرْبُ القَطَا.. بُكريّةُ الأسْرابِ ... سَلَبتْ هَوَاكِ وقَطّعتْ أنْسَابي
سِرْبُ القَطَا.. في مُقْلَتيّ رواحلٌ ... ذكَرتْ نَوَاكِ فَغَرّقتْ أهْدابِي
سِرْبُ القَطَا هَمسَتْ إليّ قطَاتُهُ ... شَغَفاً إلى أُسْطُورَةِ الكُتّابِ
قالت: بنُو اللّيثِ الجريحِ أأنتُمُ؟ ... فَكأنّهُ.. طَعْنُ الحشَا بِحِرابِ
وعرفْتُ أنّ العُرْبَ ليثٌ مُجْرَحٌ ... كان القَوِيّ فَعَادَ قِطّ الغَابِ
وأراهُ عِملاَقَ الأسىَ ولَرٌبّما ... غَلَبَتْ عَليْهِ.. أصاغِرُ الألقَابِ
إنّي أراكَ مُكبّلاً وأَرىَ الفَضَا ... بَرْقاً يُلوّحُ بينَ سُودِ سَحَابِ
وأرىَ أعاصيراً بأفْقِكِ بَعْثَرَتْ ... ما جمّع الإسلامُ مِنْ أنْسَابِ
وأراكَ تَنْزِفُ والجُرُوحُ تَفَاقَمَتْ ... وأراكَ تُرْمى مِنْ يَدِ الأعْرابِ
ولَقَدْ لَفَظْتَ مَعَ الأنينِ مَقَالةً ... القُدْسُ فِيهَا (مَوطِنُ الأغْرابِ)
ما القُدْسُ إلا قِطْعَةٌ مِنْ أمّةٍ ... خُلِقَتْ (بِإقْرَأ) فِي حِمى الأنْصَابِ
ما القُدْسُ إلا قِصّةٌ دَمَوِيّةٌ ... عُزِفَتْ عَلَى ... قِيْثَارَةِ الإرْْهَابِ
وَعَلَتْ عَنَانَ العُرْبِ حَتّى جَمّعَتْ ... كُلّ العُرُوبَةِ فيِ جَنَاحِ ذُبَابِ
ما القُدْسُ إلا مَوْطِنٌ طُرِدَتْ بِهِ ... أُسْدُ الرّجَالِ وَبُدّلَتْ بِكِلاَب! !
وتغيّرت فِيِه الوُجُوهُ فَماَ تَرَى ... إلا خَنَازِيراً عَلَى الأبْوابِ
والعُرْبُ مَا قدِرُوَا سِوَى إنْكَارِهِ ... والعُرْبُ مَا قَدِرُوا سِوَى الإضْرَابِ
وَيلُ اليَهُودِ إذَا تَكَاتَفَ شَعْبُنَا ... وَتَدَاخَلَ الأحْزَابُ في الأحْزَابِ
فَإذَا تَكَامَلتِ الصّفُوفُ وَزَمْجَرَتْ ... فَلْيَرْتَقُوا هَرَباً.. إلى الأسْبَابِ
وَتَعلّقَتْ بِذُرَا السّمَاءِ قُلُوبُنَا ... وتَجمّعتْ أَشْتَاتُنا ... بِكِتَابِ
وتَفَجّرَ البُرْكَانُ مِنّا وانْتَهَتْ ... آجَالُنَا وتَخَضّبتْ بِخِضَابِ
وَتَدَاعَتِ الدّنْيَا عَلَيْنَا واعْتَلَتْ ... أَسْيَافُنَا مِنْ فَوْقِ كُلّ رِقَابِ
وَتَهَاوَتِ الأنْوَاءُ في سَاحَاتِنَا ... وَرَأى اليهُودُ المَوْتَ ذا الأنْيَابِ
واسْتُبْدِلَتْ رَايَاتُ هُوذا بِالّذِي ... أذِنَتْ عَلَيِهِ قُصُورُهَا بِخَرَابِ
واستُبْدِلَتْ رَايَاتُ كِسْرَى بِالّذِي ... وَثَبَتْ لِنُصْرَتِهِ خُطَى الوَثّابِ
وتَخَاذَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَجَرّبُوا ... مِنْ أُمّةِ الإسْلاَم سَوْطَ عَذَابِ
فَهُنَالِكَ ابْتُلِيَ الرّجَالُ وَزُلْزِلُوا ... حَتّى تَبِينَ معادنُ الأقْطَابِ
فَمنِ ارْتَضَى عَيْشَ الكَرِيمِ مُوَشّحاً ... بِالعِزّ وَالإكرامِ والإعْجَابِ
فَلْيَقْتَحِمْ قمِمَ البُطُولَةِ إنّنِي ... للْمَجْدِ أبْذُلُ قُوّتِي وَشَبَابي
فاسْتَيقِظي يَا أيّهَا الهمَمُ الّتي ... مَاتَتْ وَعُمّرَ فَوْقَهَا بقبَابِ
ولعلّ هَذَا الغَيْمُ يَطْوِي خَلْفَهُ ... نَصْراً يَشُقّ لَفَائِفَ الأنْقَابِ
وَلَنَا مِنَ القَوْلِ الخُلاَصَةِ عَلّهَا ... تُغْنِي عَن الإطْنَابِ والإسْهَابِ
كَمْ آيَةٍ مَرّتْ وَمَرّ وَعيدُهَاَ ... أَفَلاَ تَدَبّرَهَا أولو الألْبَابِ؟ !