شئون العالم الإسلامي ومشكلاته
المسلمون في فطاني
إبراهيم الدهيمان
تقع فطاني في شبه جزيرة الملايو جنوب شرق آسيا، وهى إحدى ولايات
مملكة فطاني ... وتقع بين خطى عرض ٥ - ٨ شمال خط الاستواء، أما الأمطار
فإنها مستمرة طوال العام.. وتغطهي الخضرة معظم أراضيها ... وأنهارها تجري
طوال العام.
وتعتبر منطقة فطاني غنية من الناحية الزراعية والمعدنية ... ولكن مع
الأسف إن هذا الغنى يذهب إلى مملكة تايلاند ... وأهم منتجاتها الأرز حيث تحتل
تايلاند بما فيها فطاني المركز السادس في العالم في إنتاج الأرز [١] .
وصول الإسلام إلى فطاني:
لا يُعرف بالضبط متى وصل الإسلام فطاني ولكن بدايته كانت عن طريق
التجار العرب الذين وصلوها من الهند وسومطرة إضافة إلى التجار العرب الذين
حملوا معهم الإسلام إذ أسسوا أول محطة لهم في كانتون في الصين حين كان طريق
سفرهم إلى الصين عن طريق فطاني.
وتروي الأخبار الفطانية وكتب التاريخ أنه في حوالي عام ٧٥١ هـ أسلم ملك
فطاني وتبعه أفراد أسرته ووزرائه ثم الشعب.
أما عدد السكان فآخر إحصائية في منطقة فطاني تذكر أنهم ثلاثة ملايين نسمة
نسبة المسلمين فيها ٨٠%، أما اللغة الرسمية فهي اللغة الملاوية وتكتب بالأحرف
العربية وفيها كثير من الكلمات العربية، بل وصل الأمر ببعض الفطانيين إلى
اعتقادهم أن الدعاء لا يصح إلا بالعربية بل يستجاب، أما تايلاند فتصر على أن
اللغة الرسمية هي اللغة التايلاندية، ويصر الفطانيون على التمسك بلغتهم وهى
جزء من كيانهم رغم محاربة تايلاند لها.
أقسام فطاني:
تنقسم فطاني إلى ٤ مقاطعات هي.
فطاني: أصغر المقاطعات وعاصمتها فطاني وهى أكبر مرفأ بحري وجوي
في البلاد.
بنغازا (نارايتواس) : تقع على ساحل بحر الصين الجنوبي ومركزها بنغازا.
ساتول (ساتون) : تشمل ولاية ساتول وجزءاً من مقاطعة سونكلا، وتتبعها
عدة جزر، وهى أكبر المقاطعات وأوسعها.
جالا (يالا) : منطقة داخلية.
الاستعمار لفطاني:
استولى التايلانديون على فطاني عام ١٢٠١ هـ/١٧٨٦ م حيث هاجموها عدة
مرات بعد فشل عدة محاولات وأخيراً استولوا عليها وقسموها إلى ولايات لإضعافها
(فرق تسد) وبدأت ثورات الفطانيين تترى.
أمثلة لمحاربة تايلاند للإسلام في فطاني:
سنلخص بعض ما تفعله مملكة تايلاند لمحاربة الإسلام في فطاني:
١ - وافق وزير التعليم التايلاندي على لبس الطالبات الحجاب في المدارس
إلا أن البوذيين حرضوا الطلاب والطالبات البوذيين على القيام بمظاهرات
واحتجاجات سحب الوزير على أثرها قراره وقامت مظاهرات فعلاً مما اضطرهم
إلى إغلاق الكلية في محافظة (جالا) وكان ذلك ومع الأسف بتحريض من المسئولين
البوذيين.
وتبلغ نسبة المسلمين في ولاية (جالا) ٨٥% أكبر نسبة في ولايات فطاني
الأربع، أما النظام المتبع الآن فهو منع الزي الإسلامي في المدارس والكليات،
ومن تلبس اللباس الإسلامي مهددة بالطرد من الجامعة.
ومن وسائل طمس الإسلام في فطاني:
١ - تعقيم المسلمات.
٢- تصوير ورسم الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- في المدارس.
٣- وضع تماثيل بوذا في المدارس.
٤- تغيير الأسماء الإسلامية إلى بوذية.
٥- إقامة المعابد وسط قرى المسلمين.
٦- اغتصاب أراضى المسلمين وتوزيعها على البوذيين.
ومع كل هذا الضغط مازال المسلمون متمسكين بدينهم ولله الحمد، ولن ينسى
التاريخ مأساة شهر ذي الحجة عام ١٣٩٥هـ الموافق ١٩٧٥ م عندما قامت
السلطات التايلاندية بذبح ٥ مسلمين في سابيوري الأمر الذي تسبب في المظاهرات
في جامع فطاني، واستمرت قرابة شهرين استشهد فيها ١٦ مسلما من المدرسين
والطلبة.
٢- وفي ٢٦/١٢/١٩٨٧م قام تايلانديون من رجال الأمن وعددهم ٣٠ بهجوم
على إحدى قرى فطاني، وقاموا بجمع الفلاحين المسلمين وضربوهم وعذبوا أربعة
منهم ثم رموهم بالرصاص ودفنوهم في مقبرة واحدة بدون صلاة.
٣ - يتعرض المسلمون الآن في فطاني لأنواع من المآسي والفتن من إبادة
وقتل جماعي، إضافة إلى إبادة الوجود الثقافي والاجتماعي لهم.
٤- تقوم السلطات هناك بنشر الفساد وترويج المخدرات بين السكان وكذلك
سرقة المواشي والممتلكات وهتك الأعراض.
انطباعات عامة عن فطاني:
لقد وفقني الله سبحانه وتعالى لزيارة هذا البلد (فطاني) الذي يقع في وسط دولة
كافرة لا تأبه بالإسلام ولا تعترف به، وهى تايلاند، وقد شاهدت بنفسي ما يعانيه
أبناء فطاني المسلمون من مضايقات كثيرة من قبل الحكومة لا لسبب إلا أنهم قالوا
ربنا الله، ولكن ومما يثلج الصدر هذه الصحوة العارمة التي بدأت في صفوف
الشباب والشابات والإقبال الكبير على هذا الدين القويم من الجميع إلا أن تايلاند
تخوفت من ذلك، وأصبحت تصدر الإحصائيات بين كل فترة وأخرى وتبين بهذه
الإحصائيات زورا أن الغالبية من أبناء فطاني ليسوا مسلمين، بل وصل الأمر
بحكومة تايلاند أن بدأت تهجر أعداداً كبيرة من البوذيين من مناطقهم في تايلاند
وتسكنهم في مناطق المسلمين في فطاني بالقوة لتبقى النسبة في صالحهم.
وتقوم المدرسة الرحمانية في فطاني بجهود كبيرة لخدمة المسلمين في هذه
البلاد، ويشرف عليها أخوة نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين، وهم ولله الحمد
مؤهلون من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وتشرف على تدريس الشباب
والفتيات وكذلك الكبار.
وكانت زيارتنا لهذا البلد في رمضان حيث وجدنا سنة الاعتكاف في معظم
مساجدهم بل منهم التجار الذين تركوا تجارتهم واعتكفوا بالمساجد، إلا أن الخطر
هناك يكمن في نشاط بعض الفرق المنحرفة عن الإسلام.
وإننا نهيب بالمسلمين ممن يهتمون بشؤون الأقليات الإسلامية أن يتداركوا
إخوانهم هناك بتقديم الكتب المبسطة والمترجمة والتي تساعدهم على الفهم الصحيح
للإسلام.
(١) فطاني، محمود شاكر.