الكرماني: فإن قلت لفظ كانت إن كان باقيا في المضي فلا يعلم أن الحكم بعد صدور هذا الكلام من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضا كذلك أم لا؟ وإن نقل بسبب تضمين "مَنْ" لحرف الشرط إلى معنى الاستقبال فبالعكس ففي الجملة الحكم إما للماضي أو للمستقبل، قلت: جاز أن يراد به أصل الكون: أي الوجود مطلقا من غير تقييد بزمان من الأزمنة الثلاثة، أو يقاس أحد الزمانين على الآخر، أو يعلم من الإجماع على أن حكم المكلفين على السواء أنه لا تعارض اهـ قال العيني: في الجواب الأول نظر لا يخفى، لأن الوجود من حيث هو لا يخلو عن زمن من الأزمنة الثلاثة. اهـ
جـ ١/ ص ٢٧.
المسألة الثامنة والثلاثون:
إن قيل: ما فائدة التنصيص على المرأة مع كونها داخلة في مسمى الدنيا؟ أجيب من وجوه:
الأول: أنه لا يلزم دخولها في هذه الصيغة لأن لفظة دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات، فلا تقتضي دخول المرأة فيها، وتعقب بأنها في سياق الشرط فتعم، قاله في الفتح.
الثاني: أنه للتنبيه على زيادة التحذير فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام كما في قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة: ٢٣٨].
الثالث: أنه إنما خص المرأة بالذكر من بين سائر الأشياء في هذا الحديث لأن العرب كانت في الجاهلية لا تزوج المولى العربية، ولا يزوجون بناتهم إلا من الأكفاء في النسب، فلما جاء الإسلام سَوَّى بين المسلمين في مناكحهم، وصار كل واحد من المسلمين كفؤا لصاحبه، فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها حتى سمي بعضهم مهاجر أم