وجه الجمع بين الحديثين على أن بين الإسنادين ما بينهما، حديث ابن عباس متصل صحيح، وحديث معاوية فيه مقال انتهى.
وقال صاحب النهاية: إن الجمع بينهما أن الهجرة هجرتان إحداهما التي وعد الله عليه بالجنة كان الرجل يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدع أهله وماله، ولا يرجع في شيء منه فلما فتحت مكة انقطعت هذه الهجرة، والثانية من هاجر من الأعراب وغزا مع المسلمين ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة وهو المراد بقوله:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، انتهى.
وفي حديث آخر ما يدل على أن المراد بالباقية هجر السيئات كما رواه أحمد في مسنده من حديث معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله ابن عمرو بن العاص، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الهجرة هجرتان: إحداهما تهجر السيئات، والأخرى تهاجر إلى الله وإلى رسوله، ولا تنقطع
الهجرة ما تقبلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكُفيَ الناسُ العملَ".
وروى أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "جاء رجل أعرابي جَاف جريء، فقال: يا رسول الله أين الهجرة إليك، حيث كنت، أم إلى أرض معلومة، أو لقوم خاصة أم إذا مت انقطعت؟ قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم قال: أين السائل عن الهجرة؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله قال: إذا أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة فأنت مهاجر، وإن مت بالحضرمة" قال: يعني أرضا باليمامة، وفي رواية له "الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة وتؤتي
الزكاة، ثم أنت مهاجر وإن مت بالحضر" اهـ طرح جـ ٢/ ص ٢٤.
المسألة الرابعة والثلاثون:
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: المتقرر عند أهل العربية أن الشرط