خالصا، وابتغي به وجه الله" وخرج الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، إني أقف الموقف أريد به وجه الله، وأريد أن يُرَى موطني، فلم يَرُدّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا حتى نزلت:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ}[الكهف: آية ١١٠].
وممن يروى عنه هذا المعنى أن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلا طائفة من السلف منهم: عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، والحسن، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، وفي مراسيل القاسم بن
مخيمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقبل الله عملا فيه مثقال حبة خردل من
رياء" ولا نعرف عن السلف في هذا خلافا، وإن كان فيه خلاف عن بعض المتأخرين.
فإن خالط نيته الجهاد نية غير الرياء، مثل أخذه أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة؛ نقص بذلك جهاده، ولم يبطل بالكلية.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم" وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضا من الدنيا أنه لا أجر له، وهي محمولة على أنه لم
يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا.
وقال الإمام أحمد: التاجر والمستأجر والمكاري، أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزواتهم، ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره، وقال أيضا فيمن يأخذ جُعْلا على الجهاد، إذا لم يخرج إلا لأجل الدراهم فلا بأس أن يأخذ كأنه خرج لدينه، فإن أعطي شيئا أخذه، وكذا روي عن عبد الله بن عمرو قال: إذا أجمع أحدكم على الغزو فعوضه الله رزقا فلا بأس بذلك، وأما أن أحدكم إن أعطى درهما