واستدل لأبي حنيفة ومن وافقه بما رواه الطبراني، ثم البيهقي من طريقه من حديث ابن عباس أيضا: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يلبي عن نُبَيْشَة فقال:"أيها الملبي عن نبيشة احجج عن نفسك" وهذا ضعيف فيه الحسن بن عمارة وهو متروك، قال البيهقي: يقال إن الحسن بن عمارة كان يرويه ثم رجع عنه إلى الصواب، وقد ذهب محمَّد بن جرير الطبري إلى أن الصرورة إذا نوى الحج عن غيره لم يقع عن نفسه؛ لأنه لم ينوه عنه وإنما له ما نواه ويجب عليه أن ينوي ذلك عن نفسه. اهـ طرح جـ ٢/ ص ١
قال الجامع عفا الله عنه: الصواب عندي القول الأول لحديث الملبي عن شُبْرُمَةَ. والله أعلم.
المسألة الخامسة والعشرون:
قال العراقي: إنهم كما اشترطوا النية في العبادة اشترطوا في تعاطي ما هو مباح في نفس الأمر أن لا يكون معه نية تقتضي تحريمه، كمن جامع امرأته أو أمته ظانا أنها أجنبية، أو شرب شرابا مباحًا ظانا على أنه خمر، أو أقدم على استعمال ملكه ظانا أنه لأجنبي ونحو ذلك، فإنه يحرم عليه تعاطي ذلك اعتبارا بنيته وإن كان مباحا له في نفس الأمر، غير أن ذلك لا يوجب حدًا ولا ضمانا، لعدم التعدي في نفس الأمر، بل زاد بعضهم على هذا بأنه لو تعاطى شرب الماء وهو يعلم أنه ماء ولكن على صورة
استعمال الحرام، كشربه في آنية الخمر في صورة مجلس الشراب صار حراما لتشبهه بالشَّرَبَة، وإن كانت نيته لا يتصور وقوعها على الحرام مع العلم بحله، ونحوه، ولو جامع أهله وهو في ذهنه مجامعة مَن تحرم عليه وصوَّر في ذهنه أنه يجامع تلك الصورة المحرمة فإنه يحرم عليه ذلك، وكل ذلك لتشبهه بصورة الحرام. اهـ طرح جـ ٢/ ص ١٨.