احتج بالحديث من أوجب النية في الوضوء والغسل، وهو قول الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود، وأبي ثور، وأبي عبيد، وبه يقول الزهري، وربيعة الرأي شيخ مالك، وهو قول جمهور أهل الحجاز، ويُروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وذهبت طائفة إلى أنه يصح الوضوء والغسل والتيمم بلا نية حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي، والحسن بن صالح، وزفر.
وقال أبو حنيفة، وسفيان الثوري: يصح الوضوء والغسل بلا نية ولا يصح التيمم إلا بالنية، وهي رواية عن الأوزاعي ورواية شاذة عن مالك.
واحتج هؤلاء بأن الوضوء ليس مقصودا، وأن المقصود به النظافة، فأشبه إزالة النجاسة، واعترض على الحنفية بأنهم أوجبوها في التيمم، وليس مقصودا، وأجابوا بأنه طهارة ضعيفة فافتقر إلى النية تقوية له، وبأن الله ذكر النية في التيمم {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أي اقصدوا، وهو النية ولم يذكر ذلك في الوضوء والغسل، واحتجوا أيضا بتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء للأعرابي، ولم يَذْكُر له النية مع جهل الأعرابي بأحكام الوضوء، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ونُقضَ عليهم بتعليمه الصلاة للأعرابي المسيء صلاته ولم يذكر له النية، وقد قلتم بوجوبها في الصلاة فما الفرق؟ وإنما بَيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن علمه الأفعال الظاهرة التي يقف الناظر على تركها لو تركها، فأما القصد للعبادة فكان معلوما عندهم. اهـ طرح بزيادة من المجموع.
قال الجامع عفا الله عنه: والراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط النية في الوضوء والغسل لحديث الباب، والله أعلم.